الاثار العربية المتاحف والمعارض

معرض لوديع الصافي بالتزامن مع مهرجان جبيل

image

 

يحكي حياته ويضم أهم مقتنياته
معرض لوديع الصافي بالتزامن مع مهرجان جبيل

بيروت – نقولا طعمة:

في صالة لا تتعدى 30 متراً مربعاً، في سوق مدينة جبيل العتيق، احتشدت عناصر عصر فني كامل، متمثلة بالمعرض الفني- التوثيقي الذي أقامه مركز «فينيكس» للدراسات اللبنانية، التابع لجامعة الروح القدس – الكسليك، للفنان اللبناني الراحل وديع الصافي.

يستفيد المعرض من جبيل ثانية أهم مدينة سياحية وتراثية في العالم، وبالتزامن مع مهرجاناتها الدولية السنوية، ليقدم أهدافه بصور ومقتنيات الراحل التي تتكثف فيها عناصر مرحلة تاريخية فنية مطلة على الواقع السياسي بطريقة ما.

على زجاج الصالة المطلة على السوق العتيق، علت صورة مجسّمة للراحل، تناشد الراغبين في الاطلاع على ما فات، مما لم يكن بمتناول العامة، وبقربها قصيدة من أغانيه للشاعر يونس الابن: «لبنان يا قطعة سما..»، وفي الداخل صورة مجسّمة له معنونة: «عملاق الأغنية اللبنانية». وواجهات تضمّ الكثير من أرشيفه، قدمته العائلة بالتعاون مع المركز المنظم، والبداية بصورة لطفولته، ونشأته، وفي إحداها مع عائلته يلبس ثياب جندي لبناني كزيّ درج أبناء الجبل على لباسه تيمناً بالمؤسسة العسكرية التي أحبّوها، وصور لشبابه، وبعض من مقتنياته كساعة الجيب العتيقة التي تجاوزتها الساعات الإلكترونية، وهويته التي تشير إلى أنه من بلدة نيحا في جبل لبنان، الممنوحة له سنة 1951وتحمل اسمه الحقيقي: وديع فرنسيس، مواليد 1921وصنعته تلميذ، وجواز سفره، ودفتر مواعيده بخط مخربش، ومكبر وجهاز خلوي، وطوابع عليها رسمه، وصور زواجه من نادين فرنسيس، ثم أولاده صغاراً، وصور عائلية.

لا يعرف عن الصافي اهتمامه السياسي، أو ميول خاصة به، توحي صوره مع الرؤساء والملوك بحياديته، من جهة، وبموقعه الكبير في نفوس الأطياف كافة، ومن مختلف المواقع.
فعلى المستوى السياسي، ظهرت صور له مع الرئيس اللبناني كميل شمعون، وأخرى مع الرئيس سليمان فرنجية بالأسود والأبيض، بحضور الفنان الراحل حسن علاء الدين «شوشو»، ولقطة يصافح فيها الرئيس السوري حافظ الأسد، وأخرى في ضيافة الرئيس المصري حسني مبارك، وأخرى مع الملك الأردني الراحل حسين، ولم تعرض صور كثيرة أخرى بسبب الرمزية التي ركز المعرض عليها، واكتفائه بنماذج وعيّنات من تراثه.
ولا تخفى علاقة لبنان بمصر على المستويات كافة، خصوصاً على مستوى التفاعل الفني والثقافي، وعرف عن الصافي تردده الدائم على مصر، ولقاؤه كبار الفنانين، وجلسات مع الفنانين محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، وآخرين. وكانوا ينتظرون مجيئه إلى مصر للاستماع إلى أدائه المبهر. وكان الفنانون يتبادلون أداء أغانيهم، حيث غنوا للصافي، وأدى أغانيهم، مثلت هذه الحالة صور كثيرة مع فناني مصر مثل سيد مكاوي ولطيفة، وكذلك مقال من مجلة «الشبكة» (1993) يروي أداء عبد الحليم حافظ لأغنية الصافي «ولو»، ثم صور له مع عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، ولقطة عاطفية بالأسود والأبيض، حيث يحتضن الفنان محمد عبد الوهاب الذي يستمع إلى دقات قلب الصافي.

إضافة إلى لقطات من تكريم نقابة الفنانين السوريين له، بحضور الفنان صباح فخري، ومع فنانين جدد مثل فارس كرم ووائل كفوري.
تروي صورة مع الأباتي باسيل الهاشم، نيله شهادة الدكتوراه الفنية بالموسيقى، من جامعة الروح القدس، كمانه، وعوده المرصّع بالذهب على شكل حروف اسمه، مقال في جريدة يحكي عن «يوم وديع الصافي الأخضر» تعبيراً عن حبه للبيئة، وفيه غرس أشجار باسمه في قاعدة بيروت الجوية، ومعرض طرابلس الدولي، وقلعة راشيا الاستقلالية، وحرج بيروت، وقلعة بعلبك، وحديقة البترون، إلى أمكنة كثيرة أخرى.
ثمة صورة تشير إلى منح الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الجنسية المصرية له، وصور له في المهاجر يغني ويدعو اللبنانيين للعودة إلى ديارهم. كما عرف عنه، وبحسب ما تضمنته العديد من أغانيه، ومهرجاناته مع فيروز وصباح وكبار الفنانين اللبنانيين والعرب.

دروع كثيرة أبرزها من «المجمّع العربي للموسيقى ٢٠٠٧»، ومن اليوبيل الماسي للمدرسة الحربية اللبنانية، وأوسمة كثيرة، منها أوسمة الأرز من رتبة ضابط كبير في القصر الجمهوري، وآخر يعود لعام ١٩٦٣، وآخر ١٩٧٠.
جولة قصيرة تسترجع عصراً كاملاً، فنياً وسياسياً، لبنانياً وعربياً عبر رجل، وتنتهي الجولة القصيرة، لكن العميقة والمتنوعة، بمقالات صحفية عن وداعه في مدة رحيله منذ ثلاث سنوات، وكثير من برقيات التعزية.

تنتهي الجولة ويبقى الصافي مجسداً مرحلة زاهية من تاريخ لبنان والمنطقة، تظل توقاً ينتظر عودتها من بقي من أبناء الأجيال التي عايشتها، وأبناء الأجيال الجديدة الذين سمعوا عنها من أنسبائهم وأقاربهم وباتوا على شغف بمعرفتها، ويمكنهم معرفة بعض منها في معرض الصافي.

تعرف نانسي مشعلاني من مركز «فينيكس» أن الغاية من المعرض تعريف جوانب من حياة الراحل المغمورة للناس، فكُثُر لا يعرفون الكثير من مميّزاته، ولا من حياته الخاصة التي غمرها فنه الكبير».

مشعلاني قالت أيضاً «إن ما حصلنا عليه كان بالتعاون مع عائلته، وما هو إلا قليل من أرشيفه، وبعض ما سلط الإعلام الضوء عليه، ومهما فعلنا لا يمكن أن نحيط برجل تاريخي كبير كالصافي، غير أن ما نعرضه يعطي فكرة جيدة عن مسار حياته، ولو بمراحل متباعدة منها».
أما ابنه جورج الصافي الذي كان مع أفراد العائلة الآخرين في افتتاح المعرض، فوعد بعمل ضخم يضمّ تراث والده، وقال إن «هذا المعرض مجرد بداية، والشرارة الأولى لعمل ضخم نقوم بالتحضير له يضمّ أعمال الكبير وديع الصافي كافة».

– See more at: http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/dcbaa863-7173-48d7-990e-ba32fc85db02#sthash.s5GdTXk4.dpuf

الاقسام

اعلانات