المتاحف والمعارض

معرض باريسي يسلّط الضوء على خفايا شخصية جان بول غوتييه

image

 

تشهد باريس لأيام قليلة المعرض الأول من نوعه المخصص لجان بول غوتييه في متحف «غران باليه» ذي القبة الجميلة، والذي يمكن إعتباره بمثابة رحلة متكاملة في أركان شخصية هذا الفنان الذي إستحق على مدار السنوات لقب «صبي الموضة الشقي».
ويستقبل غوتييه زوار المعرض، بصورة ضخمة الحجم تمثل جسده الثابت، بينما يعلوه وجهه المتحرك من خلال فيلم فيديو يبث بطريقة خفية ماهرة، وهو بالتالي يتحدث إلى المتفرج عبر تسجيل صوتي ويرحب به ويرشده إلى كل محطات المعرض بالترتيب مفسراً ما الذي يتوافر في كل واحدة منها بشيء من التفصيل الذكي المثير للفضول.
ظهر جان بول غوتييه في ساحة الموضة الباريسية مطلع الثمانينات من القرن العشرين، وكان في ذلك الوقت يرسم الأزياء الجاهزة ويعتمد أولاً على الإثارة من أجل أن يلفت إليه الأنظار، بمعنى أن تصاميمه تميزت بأسلوب فضائحي جريء، يبرز جسد المرأة أكثر مما يغطيه.
وبهذه الطريقة نجح في إثارة إنتباه الإعلام لا سيما الشبكات التلفزيونية الفرنسية والأجنبية التي راحت تكرس له تحقيقات بارزة في كل موسم جديد واضعة إياه في المرتبة الأولى كلما غطت موضة باريس، ومانحة إياه لقب «صبي الموضة الشقي».
وإذا كانت المرأة التي شهدت عروض غوتييه في التلفزيون في ذلك الحين، قد عبّرت عن حيرتها أمام جمال الموديلات المطروحة وإستحالة إرتدائها في الحياة اليومية بسبب فتحاتها غير اللائقة بأبسط قواعد الحشمة، فهي غيرت رأيها بسرعة بمجرد أن زارت بوتيك غوتييه الباريسي حيث كانت تعرض الموديلات ذاتها ولكن بتفصيل عادي وعاقل قابل للإرتداء. وبسبب موضته الفضائحية إستطاع المبتكر أن يجذب إليه نجمات هوليوود الباحثات بدورهن عن كل الفرص الممكنة من أجل لفت الأنظار إليهن. وعلى رغم أن مادونا وجنيفر لوبيز وكاترين دونوف وغيرهن من نجمات الفن السابع والإستعراض العالميات صرن يلجأن إلى خدماته ويرتدين موديلاته جالبات إليه سمعة دولية على مستوى يحلم به أي مبتكر أزياء في الوجود، بات جان بول غوتييه محروماً من شيء لم يكن يعوض في نظره لا بالشهرة الواسعة ولا بالمال، وهو إعتراف غرفة نقاية الموضة الباريسية به وبموهبته وقبولها عضويته كمصمم موضة راقية وليست فقط جاهزة.
وظل غوتييه يسعى وراء هذا الشيء من دون جدوى إلى أن قرر التغيير في سياسته وصار يرسم موضته الخاصة بالنهار على النمط الجريء الذي طالما ميّزه، ومن ثم موديلاته الخاصة بالسهرة بأسلوب أكثر كلاسيكية وبإيحاء من كبار أسماء الأناقة الفرنسية الذين سبقوه من أمثال ديور وبالمان وشانيل وطبعاً المعلم إيف سان لوران.
واستنتج «صبي الموضة الشقي» أن عليه إلتزام الكلاسيكية وإبراز موهبته الحقيقية بعيداً من الفضيحة، وفعل إلى أن نجح في غزو دائرة الموضة الباريسية الراقية وأصبح يضيف إلى موديلاته الجاهزة في كل موسم، فئة ثانية من الأزياء هي الفاخرة التي تطرح أمام الحضور في خلال أسبوع «الأوت كوتور» الباريسي ذي الصيت العالمي، ويخصص المعرض إحدى قاعاته بأكملها لموديلات غوتييه الفاخرة إياها.
وفي ميدان التجميل، وهو بدوره من أحلى أقسام المعرض المخصص لغوتييه وحياته وعمله، وإثر النجاح الذي حققته منتجات «لو مال» (الذكر) التابعة لدار جان بول غوتييه الخاصة بالرجل، قرر المبتكر التمادي في تصور وسامة الجنس الخشن واخترع مبتكرات للماكياج والتجميل تكمل المجموعة الأصلية المشكلة من مستحضرات للحمام وللعناية بالجسد.
ويفسر غوتييه أن حكاية الماكياج الرجالي ليست جديدة أو إستثنائية في أي شكل من الأشكال، فالذكر إستخدم المكياج منذ عهد الفراعنة وفي حضارات عدة عبر العصور، وهو شيء لطالما هدف، في رأي غوتييه، إلى إراحة الرجل وليس إلى التقليل من خشونته في أي شكل من الأشكال.
ويكتشف زائر المعرض الأسباب التي دفعت بجان بول غوتييه حديثاً جداً إلى التوقف عن تصميم موضته الجاهزة مفضلاً تكريس وقته وجهوده لفن «الأوت كوتور» ولا شيء سواها، ويودع المبتكر زائر المعرض في لحظة وصول هذا الأخير إلى باب الخروج بأسلوب إستقباله له في البداية، أي عن طريق وجهه المتحرك فوق صورته الضخمة.

 

الاقسام

اعلانات