المتاحف والمعارض

ذاكرة 300 عام من المقتنيات التراثية في متحف منزلي

image

عمان- رحلة البحث عن المقتنيات الأثرية والنادرة لم تكن سهلة لفطوم عوض، فشغفها وبحثها المستمر في عالم التراث دفعها بشدة نحو شراء العديد منها من المتاجر وعن طريق أهلها وأقاربها، لتصل المقتنيات التي يعود تاريخها الى نحو 300 عام الى ما يزيد عن ألف قطعة أثرية.
ومنذ بدايات هوايتها وهي في الخامسة من العمر، أخذها الحنين إلى تصوير تلك المقتنيات، فروحها معلّقة بشدة نحو التاريخ، ليكبر معها الحلم شيئا فشيئا إلى أن تحقق بانشائها معرضا خاصا بها باسم (متحف فطوم المنزلي).
“كلما سنحت لي الفرصة لتوفر المال، اتجهت مباشرة لشراء تحفة فنية قد تعود إلى ما قبل الثلاثمئة عام، وأقوم بتصنيفها وترتيبها من ضمن المعروضات، وكل قطعة تحكي قصة ذلك الزمان البعيد”، بحسب ما تقول عوض.
تشعر وانت بالمتحف كأنك على بساط سندباد ترى فيه عوالم من مختلف الأمصار بدءا من بلاد الشام والخليج ومصر والمغرب العربي وبلاد السند، إذ تجد في المعرض الملابس والأواني من النحاس والفضة واكسسوارات وأدوات الفلاحة والخياطة، وقش وأدوات كهربائية والطاحونة القديمة وعملات تعود الى العام 1940 ،إلى جانب وثائق ورسائل وصور وراديو واسطوانات موسيقية.
تقدر قيمة المقتنيات الموجودة بمعرض فطوم بنحو 5 آلاف دينار، لكن قيمتها المعنوية اكبر من ذلك، وشاركت فيها بمعارض محلية في عمان والزرقاء، وهي تستعد للمشاركة في المعارض الفنية والثقافية والتراثية، اذا ما توافر الدعم المادي لها في حال مشاركتها.
وتؤكد عوض حرصها على تسجيل ذلك التاريخ بأدق التفاصيل، من باب الأهتمام بالمعروضات وتوثيقها،” وربما يجد المطلع أو الزائر اثريات قد انقرض زمانها ومن الصعب أن يراها مجددا”، وفق ما تقول.
وأكثر ما يسعدها تلك الهدايا التي تأتي من والدها وأفراد عائلتها لإغناء هذه الرحلة، منها ( الشروال) وهو لباس الرجال، و”اللجام” الذي يوضع على الحصان وتاريخه يعود الى ما يزيد عن مئة عام، و(مكحلة البارود) مخزن البارود، و(المدرا) و(المنجل) و(الصاية) وهو الحزام ، وغيرها.
لا يتوقف عملها عند تجميع المزيد من المقتنيات كما تقول، ولكنها تبحث عن قصص هذه التراثيات وأسرارها بين ثنايا الكتب وعبر الانترنت، وسؤال والدها الثمانيني والمختصين بالتاريخ.
وتطمح أن تؤسس لمعرض متنقل يتجول في كافة محافظات المملكة، حتى تنقل للاجيال ما صنعه الاجداد، وأخد العبر منها وربط الماضي التليد بالحاضر، لانها تعتبر أن التراث رمز الهوية وعنوان الثقافة والاصالة وسبيل الحضارة، وهو إرث نفيس يجب أن لا نساوم عليه،” وثروة ارفض التخلي عنها فهي جزء من حياتي”.
وتتمنى عوض رغم ما تقوم به من جهود فردية، توافر الدعم اللازم لها، لجمع المزيد من المقتنيات، لتبقى شاهدة على النهضة التراثية الحضارية.
ويرى أستاذ التاريخ ومدير مركز الدراسات والاستشارات وتنمية المجتمع في جامعة الحسين بن طلال الدكتور محمد النصرات، أن الاردن من أغنى دول العالم بالارث الثقافي والتراث التاريخي لقدم التاريخ لاعتبار أن البلد مهد الحضارات وتعدد الثقافات عليه على مر التاريخ، داعيا الى أهمية الترويج للتراث الاردني، فهو من أهم العوامل التي تشكل معالم الهوية الوطنية وترسيخ مفاهيم وقيم الولاء والانتماء لدى الاجيال كي يتعرفوا على القيمة الحضارية الكبيرة للموروث الاردني.
ويوضح ان جغرافية الاردن جعل منها مركزا ومنطلقا للاشعاع الحضاري، ويعد تراثها الحضاري اليوم احد جذور الهوية الوطنية الاردنية.
وبين ان هذا الموروث يتعاظم في نفوس الذين أخذوا على انفسهم جمع التراث وتوثيقه ليكون شامخا أمام الاجيال في المستقبل في صورته الحقيقية، اذ أن حضارة الانباط احدى أرقى الحضارات الانسانية التي قدمت للبشرية انموذجاً متقدماً من العطاء الانساني، والتنوع والغنى الثقافي في مختلف المجالات والميادين.
ويؤكد أن جمع تراث المنطقة العربية أمر في غاية الاهمية باعتباره مصدرا رئيسيا لنشر الثقافة والحضارة العربية، وهي قضية أساسية لابد من الاهتمام بها لربط الثقافات والحضارات العربية مع بعضها البعض، والتي كانت في يوم من الايام مجموعة ثقافات تفاعلت مع الحضارات الغربية بها كالفارسية والرومانية فطورت فيها وتطورت.
وقال ان اهمية هذا التراث يعكس مدى تقدم المجتمعات ورقيها ، فكما يقولون حركة التاريخ لا تتوقف وصورة الماضي دائما ترتبط بصورة الحاضر.-(بترا)

 

الاقسام

اعلانات