المتاحف والمعارض

معرض الرياض الدولي .. «الكتاب» يعثر على قارئه

image image

 
.عزام الدخيّل يقبل رأس معلمه محمد اليوسف.تصوير: علي العريفي- “الاقتصادية”

عبدالسلام الثميري من الرياض

ظل الكتاب أعواما مضت يواجه تقنيات العصر الحديث منفردا، وسط توقعات بانحساره واقتراب أجله، لكن المعرض الدولي في الرياض سمح له بأن يؤكد حضوره، وديمومته، ويخذل تلك التوقعات، وبشكل يمكن من خلاله القول: “الكتاب يعثر على قارئه”. ووسط حضور شعبي كثيف، ومنصات متنوعة، ومؤلفين من مفكرين وأدباء وأكاديميين وشبان منتشرين في جنبات المعرض يوقعون كتبهم، وفتيات وشباب تتسابق أعينهم على مطاردة عناوين الكتب التي تصل إلى 1.2 مليون عنوان خلال معرض الرياض الدولي للكتاب صاحب الحضور الأقوى والأكثر تأثيرا في العالم العربي مقارنة بالمعارض في البلدان الأخرى. ويواصل معرض الكتاب، الذي يسهم في تحريك الساحة الثقافية السعودية سنويا، تسجيل أرقام مرتفعة من الزوار للمعرض الدولي للكتاب خلال أيامه الثلاث الأولى، ويرسل دلالات على ازدياد عدد القراء في المجتمع السعودي، والزائرين للمعرض البالغ عددهم حتى البارحة 106 آلاف زائرة وزائر. واتفق معظم العارضين في دور النشر بمعرض الرياض الدولي للكتاب القائم حالياً، على أن “كتاب الرياض” يتصدر قائمة الزوار والقوة الشرائية بين الدول العربية منذ عدة أعوام، في حين يأتي معرض مسقط في المرتبة الثانية، والجزائر ثالثاً.

وكشف أصحاب دور النشر أنهم يطوفون البلدان العربية، وبعض الدول الأوروبية، غير أنهم ينتظرون في كل عام موعد إقامة معرض الرياض، نظراً للحراك الثقافي فيه، وكمية البيع، والتنظيم الجيد. وشهدت منصات مؤلفي الكتب أمس، توافد أعداد كبيرة من الزوار الذين حرصوا على إمضاءات المؤلفين على الكتب التي اقتنوها، إذ شهدت منصة الدكتور عزام الدخيّل المستشار في الديوان الملكي “وزير التعليم السابق” حضورا طاغيا من المقتنين لكتابه، وبحضور اكتسب السمة الإنسانية كون معلمه محمد اليوسف كان يرافقه خلال توقيعه الكتاب، موجها بذلك رسالة لتعزيز قيم الاحترام والتقدير لمن أسهموا في صناعته، فقبل معلمه الحاضر أمس، كانت والدته ترافقه عند تدشينه كتابه الأول “تعلومهم”.
شهد توقيع كتاب د. عزام الدخيّل حضورا مكثفا من رواد المعرض.تصوير: خالد الخميس- «الاقتصادية»

ولم يفت الدكتور عزام بأن يستذكر فضل معلمه، منوهاً إلى دوره في تحفيزه على الدراسة حينما كان في الخامسة من عمره، وكان مستمتعاً بذلك، ومتفوقاً على أقرانه، مستذكراً خط معلمه الجميل الذي لا يزال راسخاً في ذاكرته. وأهدى الدخيّل كتابه إلى المعلمين، مبتدئا كتابه بقوله: “إلى كل معلم علمني حرفاً أو أسدى إلي معروفاً ومعرفة، وإلى كل معلم مخلص يبني الحاضر والمستقبل”. ويتحدث وزير التعليم السابق في كتابه عن مكانة المعلم مستشهداً بقصص تاريخية تحكي تقدير المجتمع للمعلمين.

واستشهد بقصة الكسائي، حينما كان معلماً في قصر الخليفة العباسي هارون الرشيد وكان يعلم ابنيه الأمين والمأمون، وأنه في يوم انتهى درسه فاستبق الاثنان إلى نعليه كل يريد أن يكون له السبق في تقديمهما إليه.

واختلفا ثم اتفقا على أن يقدم كلُّ واحد منهما فردة حذاء، وعلم الرشيد فطلب الكسائي فلما مثل بين يديه سأله: من أعز الناس؟! قال الكسائي: لا أعلم أعز من أمير المؤمنين، فقال الرشيد: إن أعز الناس من يتسابق على حمل نعليه وليا عهد المسلمين حتى يرضى كل منهما أن يقدم له واحدة”.

فظن الكسائي أن ذلك أغضب الخليفة، فاعتذر، فقال الرشيد: “لو منعتهما لعاتبتك، فإن ذلك رفع من قدرهما”. فالكتاب يعبّر فيه الوزير عن رؤيته بأن تطوير التعليم يبدأ دائمًا من المعلم، مؤكداً أنه لا بد أن تكون لهم مكانة خاصة. وعن قصة الكتاب قال الدخيّل: “إن سبب تأليفه الكتاب يعود إلى كونه يرى أن للمعلم دورا أساسيا في العملية التعليمية، فالمعلم والطالب والبيئة والمنهج أساس هذه العملية، ولكن إن أردت أن تصل إلى حلول سريعة يجب التركيز على المعلم”، مضيفاً “تعلمت في مبنى من الطين، في وقت لم تكن هناك إمكانات، ولا مظاهر محفزة سواءً في البيئة المدرسية أو غيرها، لكن المعلم عوّض ذلك”.

واقتبس من معلمه مقولة “قل واصدق ولا تكذب”، كاشفاً أنه آمن بها وبمعناها الشامل الذي يرسخ هذه المبادئ والقيم. من جانبه، وصف محمد اليوسف تلميذه عزام الدخيّل بأنه كان من تلامذته النجباء، وقال: “دخل المدرسة وعمره خمسة أعوام، واجتهد، ولا يزال إلى يومنا هذا مجتهداً”. ويأتي الكتاب الجديد بعد كتابه الأول “تعلومهم”، الذي تحدث فيه عن عشر تجارب عالمية رائدة في التعليم من ضمنها، سنغافورة وفنلندا، مركزًا على أهم النقاط الأساسية التي نهضت بالتعليم في تلك البلدان.

الاقسام

اعلانات