الاثار العالمية

آثار مقابر ملوك مملكة شيشيا في مدينة ينتشوان

image

 

 

تقع مقابر ملوك مملكة شيشيا على السفوح الشرقية لجبل خلان على بعد 40 كيلومترا عن المدينة القديمة لمدينة ينتشوان.
إن مملكة شيشيا سلالة إقطاعية دامت لـ189 سنة في شمالي غربي الصين مع مملكة أسرة سونغ ومملكة لياو(مملكة الجين) قبل 800 سنة. وحتى الآن، ما زال الغموض يخيم على ازدهارها وضعفها. تأسست مملكة شيشيا على يد ابناء قومية دانغشيانغ الذين كانوا يسكنون في المناطق الحدودية بين مقاطعات التبت وتشنغهاي وسيتشوان في أول أيامها. وفي نهاية عهد أسرة سوي الملكية وبداية عهد أسرة تانغ الملكية، بدأت قوة قومية دانغشيان تتنامى من ضمن قومية تشيانغ وسمى أهلها قبائلهم باسم عائلاتهم. كانت تعيش الحياة البدوية. تعد احداها,وهى توباشي، أقوى من قبائل قومية دانغشيان الكثيرة.
في حقبة الإمبراطور الأول لعهد أسرة تانغ الملكية (عام 634 للميلاد)، انتمى زعيم امارة قومية دانغشيان توبا تشيتسي وزعماء القبائل الأخرى إلى الحكومة المركزية تباعا. قسمت الحكومة المناطق تحت سيطرتهم إلى 32 ولاية. وعينت توبا تشيتسي حاكما للولاية وغيرت اسم عائلته إلى “لي” كمكافأة.

انفجرت ثورة الفلاحين الشهيرة بزعامة هوانغتشاو عام 880. أسست قوات الثورة سلطة الفلاحين باسم داتشي في مدينة تشانغآن. بينما هرب الإمبراطور تانغ تسيتسونغ إلى مقاطعة سيتشوان، حيث حشد زعيم قومية دانغشيان توباسيقونغ قوات قبائل قومية دانغشيان والأقليات القومية الأخرى البالغة عددها عشرات الآلاف للمشاركة فى قمع الثوار. فاعتبر الإمبراطور تانغ تسيتسونغ أن توبا سيقونغ كسب انجازات كبيرة في قمع الثورة، فقام بترقيته إلى ” شياقوقونغ”. ومنذ ذلك الوقت، صارت قبيلة توبا سيقونغ قوة انفصالية ذات وزن كبير تدريجيا. في عهد الأسر الملكية الخمس والدول العشر المضطرب، انتهزت قبيلة دانغشيان هذه الفرصة لتوسيع نطاق نفوذها وتعزيز قوتها باستمرار. في بداية عهد أسرة سونغ الملكية، ساعد سليل توبا سيقونغ لي جيتشان مملكة لياو على محاربة مملكة سونغ. ثم عينته مملكة لياو حاكم سيبينغ. ابتداء من عهد حكم لي جيتشيان ومرورا بعهد حكم ابنه لي دمينغ وانتهاء إلى عهد حكم حفيده لي يوانهاو، تحول نظام الحكم لقومية دانغشيان من نظام زعماء القبائل إلى نظام الملاك الإقطاعي من جراء التأثيرات السياسية والثقافية لحكومة قومية هان الإقطاعية. باتت القومية في حاجة ملحة إلى تأسيس حكومة موحدة لها تضمن مصالحها الحيوية.
عام 1038، أعلن لي يوانهاو عن كونه إمبراطورا في شينغتشينغ عاصمة مملكة شيا الكبرى. تقع مملكة شيا الكبرى في شمال غربي الصين، وعلى الضفة الغربية للنهر الأصفر، لذا يسميها المؤرخون مملكة شيشيا ( مملكة شيا الغربية). بعد استقلال شيشيا ، دارت بينها وبين مملكة أسرة سونغ الملكية معارك مستمرة تخلل فيها السلام المؤقت. واتبعت مملكة شيشيا كافة النظم لأسرة تانغ الملكية وأسرة سونغ الملكية مما أسهم في الإسراع بوتيرة تحولها إلى مجتمع إقطاعي. قضت مملكة جين على مملكة لياو عام 1115. ثم نقلت أسرة سونغ الملكية عاصمتها إلى الجنوب. تبنت مملكة شيشيا سياسة ودية تجاه أسرة سونغ الملكية الجنوبية ومملكة جين كل على حدة. واستفادت من الخبرات والتقنيات الإنتاجية لقومية هان على نطاق واسع، مما وضع الأسس الثابتة لتطورها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. في ذلك الوقت، رغم أن مملكة شيشيا الضرائب لاسرة سونغ الملكية ومملكة لياو، إلا أنها بالفعل قد أصبحت قوة عسكرية ذات وزن كبير في شمال غربي الصين. تمتد أراضي شيشيا من النهر الأصفر شرقا إلى ممر يويمنقوان غربا، ومن ممر شياوقوان جنوبا إلى الصحراء شمالا، يبلغ عرض أراضيها أكثر من عشرة آلاف لي(الوحدة الصينية للمسافة). وفي نهاية المطاف، كانت مملكة شيشيا تتعايش مع أسرة سونغ الملكية ومملكة لياو في نفس الفترة.
يمر تاريخ مملكة شيشيا الذي يستمر لما يقرب من 190 سنة بحكم 10 أباطرة من استقلالها عام 1038 إلى انهيارها تحت وطأة القوات المنغولية عام 1227

يبلغ عرض مقابر ملوك مملكة شيشيا من شرقها إلى غربها حوالي 5 كيلومترات ويصل طولها من جنوبها إلى شمالها إلى حوالي 10 كيلومترات. في المناطق التي تخطي دائرة نصف قطرها 50 كيلومترا، تقع 9 مقابر للملوك و254 مقبرة للضحايا المدفونين حيا مع هؤلاء الملوك بمختلف الأشكال والأحجام على امتداد التلال. يشابه حجم مقابر ملوك مملكة شيشيا حجم المقابر الـ13 لأسرة مينغ الملكية في بكين. وتعتبر كل مقبرة مجموعة متكاملة من المبانى تبلغ مساحتها أكثر من 100 ألف متر مربع. ويفتح مدخل المقبرة نحو الجنوب. تعد منصة الضريح المبنى الرئيسي من بين مبانى المقبرة. عادة ما، تشيد الضرائح في المقبرة الصينية التقليدية القديمة بالتراب فوق القبور. لكن اضرائح في مقابر ملوك مملكة شيشيا مشيدة على بعد 10 أمتار شمال القبور وبشكل الأبراج. تنحرف الأضرحة عن المحور، وهذا من مخترعات قومية دانغشيان التي لا مثيل لها في تاريخ البناء الصيني. ومن المؤسف أن المقابر تعرضت لتخريب مدمر بعد إسقاط القوات المنغولية نظام مملكة شيشيا. دمرت البنايات جميعا وكسرت النصب والنقوش.
مقبرة تاي أو المقبرة رقم 3 هي مقبرة الإمبراطور الأول لمملكة شيشيا لي يوانهاو، تحتل مساحتها ما يقارب 150 ألف متر مربع لها 7 طوابق. تقول السجلات التاريخية إن لي يوانهاو له وجه مستدير وأنف مرتفع. يبلغ طوله حوالي 1.68 متر. كان يعتاد ارتداء قمصان أبيض وقبعة سوداء ويحمل معه القوس والسهام. له شخصية قوية وعقل مدبّر. ويُتقن اللغتين التبتية والصينية. كان يضع الأعمال القانونية في متناول يديه حتى يسهّل اللجوء إليها عند الضرورة. إضافة إلى ذلك، فإنه شغوف بكتاب الحرب الميدانية وكتب تكتيكات الحرب الأخرى. يمكن القول إنه يدرك البوذية وتكتيكات الحرب والقانون إدراكا شاملا. في عام 1032 ، ورث لي يوانهاو عن أبيه الحكم بعد وفاته. ثم تخلى عن اسمي العائلة “لي” و”تشاو” ولقّب نفسه بويمينغ. وأعلن عن كون نفسه إمبراطورا وأجرى مراسم اعتلاء العرش. وأمر بإنشاء نظام مجلس الوزراء وتحديد المراسم والطقوس وفتح مدارس وتأسيس 12 كتائب عسكرية. كما كلف يلي رنرونغ باختراع لغة شيشيا ، واستكمل مشاريع القوانين والأنظمة. وشن الحروب مع الدول المجاورة شرقا وغربا، ونجح في توسيع أراضي مملكة شيشيا. لكنه كان يعيش حياة الترف والبذخ في أواخر عهده بينما اشتد الصراع داخل الأسرة الملكية. تزوج لي يوانهوا مع زوجة ابنه نينغ لينغقه، ما أدى إلى اغتياله من قبل ابنه. استمرت مدة حكمه لـ17 سنوات، ولقب بامبراطور ووليه بعد وفاته. أما معبده فيدعى جينغتسونغ ومقبرته مقبرة تاي.
المنصة الترابية أمام المقبرة هي من آثار كشك الأنصاب. تقع على جانبي المحور مناصفة. يبلغ عرض البوابة من جنوبها إلى شمالها 34 مترا. وتصل المسافة بين الكشكين من شرقها إلى غربها إلى 80 مترا. (كشف عالم الآثار كشك الأنصاب في الشرق عام 1987. وشكل القاعدة الأرضية شكل المربعة بزوايا مدورة. يصل طول الحضيض للسطح الأسفل للقاعدة إلى 21.5 مترا ويصل طول الحضيض لسطح الأعلى إلى 15.5 مترا، ويبلغ طول القاعدة 2.35 أمتار. ما زالت بعض طوبات الجدر الأربعة المحيطة بالكشك متبقية. ونُقشت على الطوبات رسوم اللوتس وصريمة الجدي اللذين لهما معنى بوذي. ونُحتت علي الاطواب المقعرة كلمات صينية مثل “لي” و”نيو” و”يان” و”وو” إلخ. تم اكتشاف ثلاثة تماثيل حجرية، ومن المفترض أن يكون هناك تمثال آخر من المحتمل أن يخربه الجيش المنغولي. كما أُكتشفت 360 أنصاب مخربة منقوشة عليها النصوص بلغة شيشيا.) يُخزن نصب حجري منقوش عليه كلمات “ون ده وو قونغ” بلغة شيشيا واللغة الصينية التي تمدح الإمبراطور. تقع كشك الأنصاب لمقابر ملوك مملكة شيشيا خلف بوابة المقبرة وأمام مدينة الهلال خلافا عما كان في مقابر ملوك أسرة تانغ الملكية وأسرة سونغ الملكية. وتبنى ثلاثة أكشاك أنصاب في المقبرة إحداها في الغرب والباقيتان في الشرق. تتميز كل منها بخصائص فريدة لا تتطابق مع اسلوب التماثل فى الأعداد والمساحة وألاشكال، ولا يتفق مع أسلوب البناء العام لمقابر ملوك مملكة شيشيا ويخالف أسلوب تماثل البناء الصيني التقليدي.
تقع مدينة الهلال شمال كشك الأنصاب بالشكل المستطيل. (تبلغ المسافة بين الشرق والغرب 120 مترا، والمسافة بين الجنوب والشمال 52 مترا. يصل عرض قاعدة جدار المدينة زهاء مترين وطولها 0.7 مترا. تحتل مساحتها حوالي 0.67 هكتارا. تمتد المدينة شمالا إلى الجدار الجنوبي من مدينة المقبرة.) . لذلك تسمى مدينة الهلال. تنصب على جانبي البوابة الجنوبية للمدينة تماثيل حجرية للوزراء والحرس.

الاقسام

اعلانات