الاثار العالمية

تشيان شياو بينغ: خبيرة تعيد إحياء فن حرير سونغ جين

image image

.. | –

16 مايو 2016 /شبكة الصين/ نشأ وانتشر حرير سونغ جين في مدنية سوتشو بمقاطعة جيانغسو، وهو واحد من أشهر ثلاثة أصناف للحرير في الصين، إضافة إلى حرير يونجين بمدينة نانجينغ، وحرير شوجين بمقاطعة سيتشوان.
ولدت تشيان شياو بينغ، الخبيرة في تقنية صناعة حرير سونغ جين، وسط عائلة بسيطة بمحافظة وو جين التابعة لمقاطعة جيانغسو، وتخلت عن فرصة الالتحاق بالجامعة بسبب الظروف المالية الصعبة لأسرتها، واختارت إكمال الدراسة في مدرسة سوتشو لصناعة الحرير، وقبل إنشاء هذه المدرسة، وعلى الرغم من أن صناعة التحرير في الصين تتمتع بتاريخ طويل وعريق، إلا أنها تقتصر على ورش الأشغال اليدوية ولا أحد يتخصص في بحوث تقنياتها ولا توجد نظرية معنية في هذا المجال، ناهيك عن وجود مدرسة مهنية لتدريب المهنيين. وعلى هذه الخلفية، وبعد التخرج من مدرسة سوتشو لصناعة الحرير، أصبحت تشيان شياو بينغ التي بلغ عمرها آنذاك 19 عاما ضمن الدفعة الأولى من المهنيين لصناعة الحرير في الصين.
وخلال دراستها في المدرسة، عشقت تشيان شياو بينغ تدريجيا فنون صناعة الحرير، وبعد التخرج من المدرسة، بدأت تشيان العمل في معهد سوتشو لبحوث للحرير، وكان معظم المنسوجات الحريرية التي قامت تشيان بدراستها وتحليلها في المعهد من الأقمشة المقصبة التي جذبت أنظار تشيان شياو بينغ بألوانها الزاهية وأسلوب تطريزها الدقيق، التي كانت تلاقى استحسانا كبيرا وإقبالا واسعا في دول الاتحاد السوفيتي السابق وبلدان أوروبا الشرقية، ولكن ما جعل تشياو شياو بينغ تحظى بشهرة حقيقية هو اختراع تقنية أخرى.
وكانت وزارتا المنسوجات والصحة الصينيتان في أواخر خمسينيات القرن الماضي قد طلبتا من مستشفى شانغهاي للصدر ومعهد سوتشو لبحوث الحرير تطوير الأوعية الدموية الاصطناعية، وشاركت تشيان شياو بينغ في العمل البحثي باعتبارها مساعدة الفني جين تشن رونغ، وقبلها، لم تكن الصين قد نفذت أي عمل بحثي للأوعية الدموية الاصطناعية، لذا، لم يكن لدى تشيان شياو بينغ وفريقها أية خبرة أو مصادر للمعلومات المرجعية في هذا المجال باستثناء قطعة صغيرة من عينة الأوعية الدموية الاصطناعية التي تم الحصول عليها من خارج الصين. ومن الضروري أن يبدأ كل شيء من الصفر، ولكن لحسن الحظ، وبعد بذل الجهود الدؤوبة والتغلب على مختلف التحديات، نجحت تشيان شياو بينغ وفريقها في اختراع الجيل الأول من الأوعية الدموية الاصطناعية في الصين.

كما نجح فريق البحوث العلمية بقيادة تشيان شياو بينغ عام 1979 في تطوير أنماط جديدة من الأوعية الدموية الاصطناعية، منسوجة من ألياف البولي إستر ومبطنة بالشعر المجعد، وبعد الحصول على نتائج جيدة في الاختبارات السريرية، أصبحت الجيل الثاني من الأوعية الدموية الاصطناعية في البلاد، وفازت هذه التكنولوجيا بالترتيب الثالث لجائزة الاختراع الوطنية في عام 1983، كما حصدت الجائزة الذهبية لمعرض جنيف الدولي للاختراعات عام 1986 والجائزة الفضية للدورة الـ35 لمعرض أوريكا الدولي للاختراعات في بروكسل فضلا عن الحصول على براءة الاختراع الوطنية في الصين.
وخلال عملية البحث والدراسة المستمرة لتقنيات صناعة الحرير، أدركت تشيان شياو بينغ تدريجيا أهمية التوريث، وبدأت جمع الأموال والقطع الأثرية منذ عام 1981 لحماية ثقافة الحرير التقليدية الصينية وتطوير تقنيات صناعة الحرير، وبعد عشر سنوات من الجهود، أنشأت متحف سوتشو للحرير في عام 1991، والذي يعد أول متحف صيني مختص بالحرير، وهو متحف متعدد الوظائف ذائع داخل وخارج الصين.
وفي الوقت نفسه، ظلت تشيان شياو بينغ تواظب على البحوث العلمية وتطوير المنتجات الجديدة، وترى تشيان أن تقنيات صناعة حرير سونغ جين التي نشأت في مدينة سوتشو على وشك الاندثار بالمقارنة مع ازدهار صناعة حرير يونجين وحرير شوجين، فركزت أعمالها على دراسة المنسوجات الحريرية القديمة ونسخها وأنشأت مركز الاستنساخ الصيني للمنسوجات الحريرية القديمة. وبسبب انقطاع توارث فن صناعة حرير سونغ جين لفترة طويلة، تعرضت المعلومات التقنية ذات الصلة لخسائر فادحة، حيث من الصعب رؤية منتجات حرير سونغ جين الحقيقية إلا من خلال بعض الصور، وقرأت تشيان شياو بينغ وثيقة تاريخية تذكر لوحة “أسرة تشينغ: القماش المقصب رو يي” التي تعد أشهر الأعمال الفنية المصنوعة من حرير سونغ جين، وشعرت بالأسف الشديد بسبب عدم رؤية النسخة الأصلية لهذه اللوحة، وفي يوم ما، مرت تشيان شياو بينغ بأحد محلات التحف، فدخلت إليه، وسألت صاحب المحل عنما إذا كان يجمع منتجات حرير سونغ جين أم لا، فأطلعها صاحب المحل على بضع قطع حرير سونغ جين، ووجدت تشيان أن واحدة منها هي جزء من لوحة “أسرة تشينغ: القماش المقصب رو يي”، وعلى الرغم من أن القطعة صغيرة نسبيا، إلا أن تشيان كانت مسرورة جدا، واستعارتها من صاحب المحل للدراسة والتحليل، وبعد التصميم والتعديل الدقيق، نجحت تشيان في نسخ هذا العمل الفني المشهور، وأعجب صاحب المحل به، قائلا إن تشيان تعيد إحياء فن صنع حرير سونغ جين.
وخلال السنوات العشرين الماضية، نجح فريق البحوث العلمية بقيادة تشيان شياو بينغ في نسخ أكثر من عشرين قطعة من التحف الحريرية الثمينة لأسر تشين وهان وسوي وتانغ ومينغ وتشينغ، وفازت تشيان بالمرتبة الأولى والثالثة على التوالي لجائزة الاختراع العلمي من إدارة التراث الثقافي الصينية، وألفت تشيان كذلك كتب “حرير سونغ جين في الصين” و”نسج الحرير ونمطه” و”المعلومات المفيدة حول الحرير” وغيرها من الكتب المشهورة لنشر وتطوير فن صناعة حرير سونغ جين، واختارتها وزارة الثقافة الصينية في عام 2007 وريثة نموذجية لفن صناعة حرير سونغ جين، وظلت تشيان شيان بينغ تركز على توريث فن صناعة حرير سونغ جين وبذلت جهودا دؤوبة لتطويرها. وفي الأيام المقبلة، ستواصل تشيان عملها بجد وباجتهاد لتحقيق حلمها المتمثل في توارث فن صنع حرير سونغ جين جيلا بعد جيل.

الاقسام

اعلانات