المتاحف والمعارض

افتتاح متحف بيت الغشام بالمقتنيات التراثية وبمسرح مفتوح ومكتبة تضم صنوف العلم والمعرفة فـي ولاية وادي المعاول

 

765d89b0-0e84-4c66-af61-253499566bc0-1315-0000014f927d39d7_tmp
■ مسقط ـ العمانية :
افتتح مساء أمس متحف بيت الغشام بولاية وادي المعاول تحت رعاية صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والمكرمين والسعادة .حيث تضمن الحفل اوبريتا فنيا شارك فيه عدد من الحرفيين داخل المتحف وشمل عرضا حيا لمختلف الحرف العمانية التي تشتهر بها محافظة جنوب الباطنة.
وحول الفعالية قال السيد علي بن حمود البوسعيدي (صاحب المشروع ) إن بيت الغشام يعتبر صرحا ثقافيا ومعلما تاريخيا لولاية وادي المعاول وأشاد بالجهود التي بذلتها الجهات المختصة لاسيما وزارة التراث والثقافة التي كان لها الدور الأكبر في الاستشارة الفنية والإشراف الكامل على جميع مراحل الترميم والصيانة وإظهار البيت بالشكل المعبر عن البيت العماني واستخدام مواد البناء التقليدية من خلال شركة عمانية متخصصة في هذا المجال .
وعبر عن أمله في أن يكون متحف بيت الغشام إضافة جديدة الى قائمة المتاحف العمانية الحكومية والاهلية، وأن تستمر الجهود لترميم البيوت التراثية والحارات العمانية في مختلف محافظات السلطنة مما يجعلها مزارا سياحيا وثقافيا وان تستقطب الأدباء والباحثين في مختلف المجالات لإبراز المقومات الحضارية للبلاد .
وحول البيت قال “البوسعيدي” لقد استطاع بيت الغشام أن يصمد فترة طويلة من الزمن، ولم تؤثر عليه عوامل التعرية بشكل كامل، وهذا الذي مكن من اعادة صيانته وترميمه أخذا من تشكيلة البيت الباقية للغرف والسور وبقية المرافق .
وأضاف: إن متحف بيت الغشام وبفكرته الجديدة المتمثلة كونه بيتا عمانيا أثريا أثث بالطريقة التقليدية ورُفد بالمقتنيات التراثية وبمسرح مفتوح وركن تجاري يقدم وجبات ومنتجات محلية وهدايا تذكارية ومكتبة تضم صنوف العلم والمعرفة، يحتاج الى جهد مضاعف وتعاون مستمر من الأهالي والجهات المختصة حتى يحقق رسالته الوطنية.
وقال إنه من أجل أن تعود قرية الشلي إلى كامل حيويتها وأسواقها التقليدية ومنابرها الثقافية والعلمية بولاية وادي المعاول يتوجب على الجميع مضاعفة الجهد للارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدم للسائح ومن ذلك إقامة أسواق دائمة بمتحف بيت الغشام تستقطب المنتجات المحلية وتعنى بالجوانب التراثية والصناعات الحرفية مما يساهم في إنعاش الجانب الاقتصادي للولاية وزيادة الاهتمام من جانب الحرفيين لتقديم الأفضل والأجود من منتجاتهم .
من جانبه قال سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى إن ولاية وادي المعاول تزحر بمقومات سياحية جاذبة للسياحة والتي تستهوي السائح، وأحد أبرز هذه المعالم متحف بيت الغشام الذي يعد واجهة مشرفة للولاية تستقطب المثقفين والمفكرين والأدباء للاطلاع عن كثب على مقتنيات هذا المتحف، الذي أعيد ترميمه بالطريقة المعمارية القديمة ليحافظ على شموخه وكيانه المعماري.
واضاف “المعولي” : إن المعطيات تشير إلى أن المتحف ومن خلال مرتاديه سوف ينعش الحركة الاقتصادية في الولاية ويوفر فرص عمل لأبنائها، علاوة على فتح مجالات أرحب في تطوير قطاع الفنادق والمنتجعات الذي يعطي الإذن للقطاع الخاص للاستثمار في المجال السياحي لما له من مردود إيجابي نتيجة ارتياد السياح للولاية وتحديدا زائري متحف بيت الغشام.
وحول عملية تحويل البيت إلى متحف يقول سعيد بن خلفان النعماني مدير المتحف :عندما بدأنا تجهيز متحف بيت الغشام بتُحَفِهِ ومقتنياتِهِ الأثرية التي نراها الآن وقد ازدان بها المكان ، ووهبها البيتُ أبهةً وروعةً ، بدأنا بوضع التصور المتكامل لكي يكون هذا البيت مُتحفاً بدءاً بواجهته الجميلة وجدرانه الخارجية ونهايةً بالغرف الأرضيةِ والعلويةِ وكذلك المرافق الاخرى كالمجلس والمصلى ، ذلك لأن واجهات المباني الخارجية في البلدان الإسلامية عموما وعمان خصوصا لا تُعبِّر دائماً عن وظيفتها المحددة فجدران البيوت العالية غالبا ما تكون بلا نوافذ ولا يتخللها الا مدخلٌ واحدٌ فقط . ويرجع ذلك الى أَسبابِ الدفاعِ والعزلةِ التقليديةِ وكذلك للوقايةِ من هبوبِ الرمال في المناطق الصحراوية ، والبيت العربي يبدو لمن ينظر إليه من الخارج صارم المنظر في حين ان النشاطات داخل المبنى تجرى ضمن فناء داخلي تحيط به الغرف كليا أو جزئيا . وهذا ما ينطبق بشكل كلي على بيت الغشام ، فبعد المدخل الشرقي للبيت يتضح الفناء الواسع الذي يضفي عليه انشراحا وجمالا موضحا ان هذا المفهوم والوظيفة للإنشاء السكني تكمن في جوهر تصميم المباني المحلية والفن المعماري في الجزيرة العربية ، أما المباني التي لها وظيفة محددة فتشمل النزل المسورة والإنشاءات المحصنة التي كثيرا ما تكون مؤلفة من أسوار عالية وابراج تحيط بأرض خلاء وكذلك المساجدُ بإيواناتها ذات الاعمدة وساحاتها المسقوفة أو المقنطرة والمفتوحة في احد جوانبها .
وقال “النعماني” : التقطنا صوراً فوتوغرافيةً مركزةً على جميع غرفِ المبنى وماتحتويه كلُّ غرفة من ( روازن ) وذلك كي نحدد نوع وعدد التحف والمقتنيات التي يستحسن وضعها في كل موقع ، فتجهيز البيوت ليس كتجهيز الحصون والقلاع وان كانت تتفق في كثير من الأحيان في استخدام الآنية والاسلحة بمختلف انواعها .
واضاف إنه وبشكلٍ عام فإن الزخرفة عادة – بصرف النظر عن المدخل الوحيد – فهي تقتصر على الجزء الداخلي من البناء إذ ان الجزء المسور والساحة أو الساحات التي غالبا ما تتميز بوجود رواق مسقوف أو مقنطر وكذلك غرف الاستقبال الرئيسية يمكن أن تكون مزخرفة بالأفاريز وأشكال الجص المصبوب والبلاط والسقوف المطلية وتظل تفاصيل الزخرفة المعمارية والفنية شأنا يخص أهل البيت دون غيرهم . وبعد حصر جميع تلك الروازن وتحديد نوعية التحف التي يمكن وضعها في تلك الأمكنة حتى تعبر عن جماليات البيت العماني.
تجدر الإشارة إلى أن بيت الغشام يعد أحد المعالم الأثرية وتحفة معمارية بولاية وادي المعاول. يقع هذا البيت في قرية الشلّي ببلدة أفي وهو منزل السيد محمد بن أحمد بن ناصر الغشّام البوسعيدي، وسُمّي البيت بالغشام نسبة إلى صاحبه السيد محمد الذي كان يُعرف بهذا اللقب، والسيد محمد بن أحمد الغشام أحد وزراء السلطان تيمور بن فيصل وواليه على مطرح، وقد كان يسكن هو وعائلته في هذا المنزل. والبيت مصمم على الطراز والفن المعماري العماني ويحوي العديد من الغرف بالإضافة إلى الصباح والسبلة وبعض الغرف المحصنة وواحدة للاختباء بالإضافة إلى أبراج المراقبة والحوش الكبير والبئر وأماكن تخزين التمور. وحسب المصادر التاريخية وبناء على التنقيبات الأثرية وتتبع المكونات الرئيسية بالبيت والبحث والتحري في النقوشات والشواهد الموجودة بالكتابات الجدارية والنقوش على النوافذ والأبواب فإن فترة بنائه ترجع إلى عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي ـ أي أن عمر البيت يتجاوز 200 عام تقريبا ـ وشملت أعمال الترميم قصبة البيت الرئيسية والمداخل والمجالس والمخازن والمرافق الخاصة بالبيت ومرابط الخيول والبئر بالإضافة إلى الساحة الداخلية والسور المحيط بها وبعض أعمال التجميل. يتكون البيت من دورين بالنسبة للقصبة وبها سبع غرف علوية وبعض المداخل والأدراج التي تؤدي إليها أما بالنسبة للدور الأرضي للقصبة فيتكون من مخازن التمور وبعض غرف الخدمات. هناك أيضا بعض الغرف الأخرى في الجهة الشرقية ومرتبطة بالقصبة وأيضا يحتوي على مجلس للرجال بالإضافة إلى المدخل الرئيسي وما يميز هذا البيت وجود مدخل آخر للنساء بالإضافة إلى وجود مصلى بداخله خاص بالنساء. ويبلغ طول البيت 40 مترا وعرضه 30 مترا وهو الجزء الذي تم ترميمه ومجموع الغرف بداخله حوالي 15 غرفة وقد روعي في ترميمه استخدام نفس المواد التقليدية القديمة المستخدمة سابقا وهي “الطين، الصاروج العماني، الجص العماني، الحجارة الجبلية المسطحة” وقد أعيد تسقيفه بنفس الآلية السابقة، حيث استخدم أخشاب الكندل والدعون والبامبو وقد روعي في أعمال الترميم أسلوب المحافظة على بعض النقوش الجصية الموجودة سابقا بالإضافة إلى ترميم الأبواب القديمة وبالأخص الباب الرئيس كما تم إدخال نظام التكييف والكهرباء مع مراعاة الخصوصية في أثرية البيت.

الاقسام

اعلانات