الاثار العربية

تهريب الآثار السورية … نزيف مستمر إلى دول الجوار

169

ليس غريباً أن يصف الأثريون والمثقفون السوريون بلدهم بـ”متحف في الهواء الطلق”، إدراكاً منهم  لوجود آلاف المواقع الأثرية المسجلة وغير المسجلة على امتداد مساحة الوطن،إضافة إلى تأكيدهم بأن بلدهم “عائم على بحر من الآثار”، وكل ذلك يدل، باعتراف الفرنسيين أنفسهم ووفقاً للعبارة الشهيرة “لكل إنسان موطنان: موطنه الأم وسورية”، على المكانة الأثرية والحضارية التي تتمتع بها سورية، إلا أن الأزمة التي تعرضت لها طيلة السنتين والنصف، كشفت عن حقائق تورط تجار الأزمات والمجموعات المسلحة وشبكات التهريب في تدمير الهوية الحضارية لسورية عبر سرقة وتهريب القطع الأثرية من مختلف المواقع ليصار إلى بيعها في الدول المجاورة بأسعار زهيدة لا تتعدى بضع دنانير وربما تعرض على بسطات في الشوارع وفق ما أكدته معلومات الإنتربول الدولي للمديرية العامة للآثار والمتاحف السورية! .

مدير الآثار والمتاحف: سلسلة تدابير متخذة لحماية الآثار

واشار مدير عام المديرية العامة للآثار والمتاحف الدكتور مأمون عبد الكريم، إلى أن ما ” تتعرض له المواقع الأثرية من عمليات سرقة وتهريب، دفع المديرية إلى اتخاذ سلسلة من التدابير والإجراءات الاحترازية لحماية الآثار، وذلك بعد تنبهها  ومنذ بدء الأزمة إلى خطورة ما تتعرض له المواقع.

وعدد عبد الكريم أبرز هذه الإجراءات منها، “وضع القطع الأثرية في أماكن آمنة وتكثيف دوريات المناوبة وابلاغ الإنتربول عن كل ما فقد أو عن جميع ما انتشر على الهواتف الخليوية من صور يعتقد أنها لقى أثرية سورية غير مكتشفة، هذا فضلاً عن تركيب أجهزة إنذار في بعض المتاحف والقلاع، وزيادة عدد الحراس”.

ولفت عبد الكريم  إلى أن” التعاون بين وزارة الثقافة والاجهزة الامنية المختصة لتأمين حماية المواقع الأثرية، أسفر عن استعادة مسروقات أثرية عبر مصادرات في دمشق وطرطوس وتدمر وحمص وحماه ودير الزور وغيرها”.

ومع تواطؤ كثير من الدول بتهريب الآثار السورية وإسهامها وتسهيلها لعمليات التهريب عبر حدودها كما هو الحال تركيا ،إلا أن دولة لبنان كانت من أكثر الدول الحدودية التي أبدت تعاوناً مع السلطات السورية لاستعادة المسروقات الأثرية. وهذا ما أكده عبد الكريم في سياق حديثه عن تعاون الدول فيما يخص عمليات التهريب، وأضاف: ” أوقفت السلطات اللبنانية مؤخراُ بعض الأفراد المتورطين في تهريب مجموعة من قطع أثرية سورية مسروقة وذلك بعد أن كشفت عن وجودها صحيفة “الصنداي تايمز ” البريطانية عبر تحقيق صحفي نشر  لينتهي الأمر بإبلاغ الانتربول الدولي الذي بادر بدوره إلى  تزويد المديرية العامة للآثار والمتاحف ببيانات وصور لهذه القطع، لتقوم المديرية بإبلاغ السلطات اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة “.

عبث وسرقة للآثارالسورية

مديرة شؤون المتاحف: تركيا تشجع تهريب الآثار ولبنان أكثر الدول تعاوناً  

بدورها مديرة شؤون المتاحف السورية هبة السحل أكدت لموقعنا “استلام  المديرية العامة للآثار والمتاحف 18 قطعة من لوحات الفسيفساء من مديرية آثار لبنان بعد أن صادرتها الحكومة اللبنانية في كانون الثاني 2012م عند معبر العريضة على الحدود السورية اللبنانية وذلك بالتعاون  مع المجلس الأعلى السوري اللبناني “.

وبينت السحل أن” المديرية طيلة سنتين ونصف السنة من عمر الأزمة ضبطت قطع أثرية معدة للتهريب قبل خروجها إلى خارج الحدود السورية، ووصل عددها إلى 4000 قطعة أثرية  من كل الفترات التاريخية،وتشمل على كسر فخارية وقطع معدنية وزجاجيات مصادرة من كل المواقع الأثرية بعد استغلال التجار والمنقبين وأصحاب النفوس الضعيفة الظروف الراهنة وقيامهم بأعمال التنقيب السري “، مشيرة إلى “تمكن الجهات المختصة وعلى رأسها الإدارة العامة للجمارك من ضبط هذه الاثار على الحدود السورية اللبنانية والأردنية والتركية والعراقية” .

عبث وسرقة للآثار في موقع دورا أوروبس الأثري

ولم تغفل السحل التعاون اللبناني في ما يخص تهريب الآثار وقالت : “لبنان الدولة العربية الوحيدة التي تتعاون وتنسق مع السلطات السورية بغية إعادة قطع أثرية سورية إليها، في حين أن تركيا وللأسف تشجع على تهريب الآثار وقد وصلت إلينا معلومات عن قيام السلطات التركية بتوجيه شبكات تهريب آثار سورية عبر الأقمار الصناعية في موقع “دورا أوروبوس” في دير الزور للقيام بأعمال الحفريات والتنقيب السري لاستخراج القطع الأثرية .

وبحسب السحل فإن لدى ” الإنتربول الدولي معلومات تؤكد أن  الأسواق الأردنية تشهد بيع قطع أثرية سورية على الطرقات بأسعار زهيدة جداً تصل إلى بضعة دنانير” ، وأما في ما يخص المتاحف وتعرضها للسرقة فقالت :”لم تتعرض متاحف سورية كثيراً للسرقة والتهريب باستثناء متحف الرقة الذي تعرض للسرقة كما سرق قطع أثرية من متحف المعرة ومتحف حماة” .

وأشارت مديرة شؤون المتاحف أن “كل عمليات تهريب وسرقة الآثار تتم من خلال  شبكات ومافيات متخصصة بتجارة الأثار السورية وذلك من خلال سرقة قطع أثرية محددة ذات أهمية وما يثبت ذلك هو وجود جهات تدلل وتشير إلى مواقعها كما حدث عند سرقة تمثال برزوني مطلي بالذهب من متحف  حماة”.

عبث وسرقة للآثارالسورية

الفلتان الأمني زاد من الظاهرة

من ناحيته رأى الخبير الأثري أحمد طرقجي  أن ” الفلتان الأمني الذي تشهده البلاد  وعدم إمكانية ضبط المواقع الأثرية من قبل السلطات المعنية أو حتى الأمنية  أدى إلى ازدياد أعداد اللصوص للقيام بعمليات السرقة ومن ثم التهريب إلى الخارج باعتبارها أسواق لتصريف المسروقات الأثرية  لبيعها بأسعار عالية أو زهيدة” .

وأشار طرقجي إلى أن” عمليات التهريب تتم من خلال المسلحين والمهربين للقطع الأثرية سواء من  المواقع الأثرية المنقبة أو غير المنقبة”.

جدول بأبرز المواقع السورية التي تعرضت للسرقة

الاقسام

اعلانات