الاثار العربية

دار المخطوطات بالقاهرة تنقذ عشرات الالاف من المخطوطات

127

تخزين المخطوطات له مواصفات معينة؛ طبقاً للفترة الزمنية لكل مخطوطة، وهي تحفظ في وسيلة ذات مواصفات محددة وفي درجات حرارة معينة.

المخطوطات القديمة تعد من أكثر أوعية حفظ التراث دقة، كتب فيها الأقدمون آراءهم العلمية والدينية، ووصف فيها المؤرخون أحداث العصر، وذكروا على جلودها وأوراقها أسماء الخلفاء والملاك والحكام والولاة، ونظم القضاء والحكم والأحكام، وغيرها من وقائع الحياة اليومية بأحداثها الذاخرة.

وبسبب توزع “المخطوطات” حسب وجود العلماء والمؤرخين الأقدمين، بذلت محاولات لتجميع هذه المخطوطات، وبدلاً من أن يضمها مكان واحد، اكتشف الباحثون المعاصرون أن المخطوطات في مصر تتوزع على أكثر من عشرين مكاناً مختلفاً ضمن دار الكتب المصرية، ثم مكتبة الجامع الأزهر، مكتبة مسجد السيدة زينب بالقاهرة، ووجدت بعضها في مسجد السيد البدوي بمحافظة الغربية، ومسجد المرسي أبي العباس والنبي دانيال بالإسكندرية.

وقدر عدد هذه المخطوطات بحوالي 132 ألف مخطوطة تعود لفترات زمنية مختلفة، مما صعب من عملية توثيقها، لاسيما وأن فهرسة المخطوطات السابقة لم تكن بالدقة الكافية للاستدلال على موضوعاتها وتواريخ كتابتها؛ ولاختلاف نوعية المخطوطات ما بين ورق وجلد وغيرها، وما يتطلبه كل نوع نظام معين للحفظ والترميم والتهوية حفاظاً على حالتها وصوناً لها من التلف، استعان خبراء الترميم بالتكنولوچيا الحديثة في هذا الشأن، وتم التعاون بين “دار الكتب والوثائق القومية، مركز معلومات رئاسة الوزراء، مؤسسة الأهرام” لتنفيذ أول مشروع لحفظ وتوثيق الوثائق في العالم الإسلامي، ونسخ كل هذا التراث على الميكروفيلم، الأسطوانات المدمجة C.Dوحفظت جميع هذه المخطوطات في مبنى دار الكتب بمنطقة باب الخلق، بعد تحديثه وتزويده بالتكنولوجيا التي تضمن عرض هذه الوثائق وسهولة إطلاع الباحثين عليها.

وفي إطار الحفاظ على التراث الإسلامي أنشأ الازهر أكبر مشروع إلكتروني لحفظ تراثه، وتم نشره على شبكة المعلومات الدولية.

• سوء التخزين

يؤكد خبراء في حفظ المخطوطات القديمة أن المخطوطات كانت تفتقد لأسلوب الحفظ الجيد مما أدى إلى فقد بعض المخطوطات، نتيجة سوء التخزين وسوء التهوية، واعتباراً من 1996، بدأ مركز معلومات مجلس الوزراء ضمن مشروعات توثيق التراث في بناء قواعد بيانات للمخطوطات بمصر مثل دار الكتب ومكتبة الأزهر، وبعض مخطوطات وزارة الأوقاف كمسجد السيدة زينب، وأكثر من عشرين موقعاً على مستوى الجمهورية تم تطوير وتحديث المخطوطات بها.

وبالتعاون مع خبراء المخطوطات وخبراء نظم المعلومات بمركز معلومات مجلس الوزراء، تم الاتفاق على بناء نظام المخطوطات المتطور وفقاً لأحدث النظم والمقاييس العالمية في مجال المخطوطات، وزود بإمكانيات واسعة للبحث واسترجاع البيانات، بالإضافة إلى إمكانية إصدار مجموعة متنوعة من التقارير والإحصائيات، ويتميز بإمكانيات كبيرة في عمليات الفهرسة والتصنيف والتوثيق، فضلاً عن الانتهاء من نسخ جميع المخطوطات الموجودة بدار الكتب على الميكروفيلم.

ومن خلال التعاون بين مركز معلومات مجلس الوزراء والهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية ومؤسسة الأهرام تحولت تلك المقتنيات إلى الصورة الإلكترونية “الديجيتال”، واستكملت قاعدة بيانات المخطوطات من نوع “المجامي”، أما بالنسبة للمخطوطات الموجودة في مكتبة الأزهر، فقد بنيت لها قاعدة البيانات بالتعاون مع مركز معلومات مجلس الوزراء وتضم حوالي 42 ألف مخطوطة في 26 ألف مجلد وتم تصويرها الكترونيا وربطها بقاعدة البيانات.

ومن ناحية أخرى فإن تخزين المخطوطات له مواصفات معينة؛ طبقاً للفترة الزمنية لكل مخطوطة، وهي تحفظ في وسيلة ذات مواصفات محددة وفي درجات حرارة معينة تتوافق مع تركيبة الورق ونوعه والفترة التاريخية التي كتبت فيها والزمن المنقضي عليها، ولا بد من الأخذ في الحسبان هذه الاعتبارات للحفاظ على هذا التراث القيّم. ونظراً لارتفاع تكلفة إنشاء مخازن مطابقة للمواصفات، فقد تم تجميع المخطوطات في دار حفظ واحدة، كما في دار المخطوطات في باب الخلق، ويتم عرض تلك المخطوطات في جميع أنحاء الجمهورية من خلال الميكروفيلم الذي يعد من أحدث وأهم وسائل الحفظ والعرض في آن واحد.

• اكتمال المقتنيات

وتؤكد دار الكتب والوثائق القومية اكتمال إعداد وتجهيز قوائم لمقتنيات الدار، التي تعد أكبر دار للكتب المتخصصة في حفظ التراث الإسلامي والإنساني، كما نقلت جميع المخطوطات التي تمتلكها دار الكتب إلى مقرها بباب الخلق وتبلغ حوالي 52 ألف مخطوطة إضافة إلى البرديات والمسكوكات والمقتنيات المتحفية من خرائط ولوحات أثرية، فضلاً عن المصاحف الأثرية التي يبلغ عددها خمسة آلاف مصحف من ضمنها مصحف “عثمان” الذي يعد أقدم مصحف في العالم الإسلامي.

كما أن أوائل المطبوعات التي صدرت في القرن التاسع عشر وما قبله أضيفت إلى مقتنيات الدار بباب الخلق، ونقلت كل المكتبات الخاصة المهداة إلى الدار سواء الملكية أو الأميرية ومكتبات العلماء والمفكرين وكبار الشخصيات ومنها “مكتبة الأمير مصطفى كمال”، وتيمور باشا، وتوفيق الحكيم، والعقاد” وغيرهم، وصاحب افتتاح الدار عرض فيلم تسجيلي عن تاريخ الدار ونشأتها وتطورها كما تم إصدار كتاب يشمل العديد من صور مقتنيات الدار من نفائس الكتب وأهم الخرائط والرسومات والبيانات والمعلومات الخاصة بمن ساهموا في إدارة الدار منذ إنشائها.

ونظراً لأهمية توثيق المخطوطات والحفاظ عليها، فقد تم إعداد جيل جديد لمواجهة انقراض العاملين في مجال فهرسة وتصنيف المخطوطات، وأن عدد الموظفين الذين يعملون في هذا المجال بعد أن كان قليلاً جداً فقد تم تأهيل صف ثان من الشباب ليتحمل المسئولية بعد أن يتشرب الخبرات الضرورية للنهوض بهذا العمل

الاقسام

اعلانات