الاثار العربية

امانة بغداد تبرر هدم البيوت التراثية بـ”عدم وجود غيرها” لدى ملاكها ومجلس المحافظة يتوعد

عزت أمانة بغداد، اليوم الاثنين، حصول حالات تهديم بيوت تراثية في العاصمة الى “عدم امتلاك اصحابها وحدات سكنية” بديلة عنها، وفي حين “نفت” منحها اجازة لهدم أي بيت تراثي وحذرت المخالفين من “إجراءات شديدة” ستتخذها، أكد مجلس المحافظة أن “إعادة ترميم هذه البيوت وصيانتها بحاجة الى دعم حكومي كبير”، عادا التهديم بأنه “محاولة لطمس تراث المدينة بعد تهديم نحو (700) بيت” منها.

وقال مدير عام دائرة العلاقات والاعلام في امانة بغداد حكيم عبد الزهرة في حديث الى (المدى برس) إن “فرق امانة بغداد رصدت قيام بعض اصحاب البيوت التراثية القديمة بهدمها وتحويلها الى بيوت عصرية او بيعها الى أشخاص اخرين والقيام بالفعل نفسه”، عازيا السبب الى “عدم بناء وحدات سكنية عمودية او افقية من قبل الجهات الحكومية لهؤلاء خلال الفترات السابقة”.

وأعرب عبد الزهرة عن أسفه لـ “لجوء الكثير من الناس الى اقتطاع أكثر من قطعة من القطعة الاصلية وبنائها كبيوت متعددة وليس بيتا واحدا فضلا عن تدميرها واخفاء كل المعالم الاثرية القديمة التي لا تقدر بثمن ابدا”.

وبين عبد الزهرة أن “امانة بغداد لم تمنح اي اجازة ولأي مواطن من اجل ممارسة عملية الهدم لأي بيت تراثي في العاصمة”، موضحا أنه “مخالف للقانون الذي يدعو الى الحفاظ على هوية المعالم البغدادية المميزة والاصيلة”.

واكد عبد الزهرة أن “أمانة بغداد وجهت قبل ايام دوائرها البلدية كافة بمراقبة كل البيوت التراثية وجردها لمنع تحويلها الى بيوت عصرية او اي مبنى اخر”، مشيرا الى أنه “سيتم اتخاذ اشد الإجراءات بحق المخالفين حفاظاً على الإرث الحضاري والمعماري والجمالي للعاصمة بغداد”.

ومن جانبه، قال نائب رئيس مكتب الاعمار في مجلس محافظة بغداد عطوان العطواني في حديث الى (المدى برس) إن “مجلس المحافظة السابق والحالي طالب لأكثر من مرة بتطوير المناطق التراثية التي تبدأ من ساحة التحرير وشارع الرشيد وأنتهاءا بساحة الميدان وهي تقدر بـ (70)% من مجمل البيوت التراثية في العاصمة بغداد وهي كلها املاك خاصة”، مستدركا “لكن لم يصغي اليه أحد لان هكذا مشروع بحاجة الى دعم حكومي كبير وليس بالتخصيصات التي تعطى لمجلس المحافظة”.

واضاف العطواني أن “التخصيصات التي يملكها مجلس المحافظة يمكن فقط ان ترمم جزءا صغيرا من تلك البيوت ولا يمكن ان تعيد ترميمها بشكل كامل وصيانتها على الدوام”، مبينا أن “المجلس لايزال يبعث بكتب رسمية الى الجهات المعنية لمساعدته بانتشال تلك البيوت من الضياع كاعطاء سلف او تخصيصات مالية لأستملاكها او مساعدة اصحابها على الترميم”.

وأكد العطواني أن “ظاهرة هدم البيوت الاثرية في بغداد وتحويلها الى مبان تجارية وبيوت ذات طراز معماري حديث أمر لا يتناسب مع اسم وتاريخ هذه المدينة”، عادا اياها بأنها “محاولة لطمس الجانب التراثي للمدينة بقصد او دون قصد لاسيما بعد بقاء (600) بيت فقط من اصل (1300) بيت اثري في العاصمة بغداد”.

وتمتاز البيوت القديمة بأنماط العمارة التقليدية التي تتميز ببساطة البناء وملائمته للبيئة والمناخ، حيث شيدت بمواد بناء متوفرة محليا مثل الأحجار البحرية والطين والجص وجذوع النخيل وخشب الكندل، وتمتاز هذه البيوت بالزخرفة الجصية البديعة من الخارج والداخل إضافة إلى الزخرفة الرائعة الموجودة على الأبواب والنوافذ والأسقف والاعمدة التي تحمل التيجان.

وكانت وزارة السياحة والآثار العراقية أعلنت، في (6 شباط 2013)، عن صيانة وتأهيل أربعة دور تراثية في إطار استعداداتها للمشاركة بفعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013، وطالبت أمانة بغداد ووزارة الثقافة بالعمل على “إنقاذ” ما يمكن من شارع الرشيد.

وبغداد عاصمة جمهورية العراق، ومركز محافظة بغداد، ويبلغ عدد سكانها 7,216,040 نسمة تقريباً حسب آخر الإحصائيات في العام 2011 للميلاد، مما يجعلها أكبر مدينة في العراق وثاني أكبر مدينة في الوطن العربي بعد القاهرة، وثاني أكبر مدينة في آسيا الغربية بعد مدينة طهران عاصمة إيران، كما تعد المركز الاقتصادي والإداري والتعليمي في الدولة.

وبنى بغداد الخليفة العباسي المنصور من العام 762 للميلاد إلى عام 764 للميلاد في العقد السادس من القرن الثامن الميلادي الموافق للقرن (الثاني الهجري) واتخذها عاصمةً للدولة العباسية، حيث أصبح لبغداد تحت حكمهم مكانة مرموقة، وكانت من أهم مراكز العلم على تنوعه في العالم وملتقى للعلماء والدارسين لقرون عدة من الزمن، وتكمن أهمية موقع بغداد في توافر المياه وتناقص أخطار الفيضانات، مما أدى بدوره إلى اتساع رقعة المدينة وزيادة نفوذها إلى جانب سهولة اتصالها عبر دجلة بواسطة الجسور التي تربطها بالجانب الأيسر من النهر.

ولمدينة بغداد القديمة أسماء عدة كالمدينة المدورة والزوراء ودار السلام، ويخترق وسط المدينة نهر دجلة، وينصفها إلى جزءين هما الكرخ (الجزء الغربي) والرصافة (الجزء الشرقي).

وتعرضت بغداد لكثير من الغزوات الخارجية والتقلبات الداخلية طوال القرون الماضية، فقد غزاها المغول والصفويون والعثمانيون والإنكليز، حيث عانت المدينة الأمرّين خلال فترة احتلالها، والتي كان آخرها الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، مما أسفر عن تعرض أغلب معالمها التراثية إلى الدمار إلى جانب سرقة الكثير من أثارها وتحفها الثمينة.

الاقسام

اعلانات