المتاحف والمعارض

مقتنيات متحف التراث السرياني قصة شــعب بلاد ما بين النهرين

“ميزوبوتاميا” بلاد ما بين النهرين مهد الحضارات الاولى، امتدت من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب، بقيت ادوات تلك الحضارة تروي قصة شعب، لم تذهب اشياؤه سدى ولا تزال باقية حتى وإن اصبحت بقايا تحف في صناديق زجاجية تمثل التراث الفولكلوري السرياني.
” الصباح ” زارت متحف التراث السرياني في محافظة اربيل “عينكاوه” والتقت الاستاذ فاروق حنا عتو مدير متحف التراث السرياني، الذي قال: “يعد هذا المتحف الجزء الاساسي من مديرية التراث والفنون الشعبية، يتكون المتحف من عدة قاعات متوزعة بين ورش واقسام، بدأ العمل الحقيقي لتأسيس المتحف في اذار عام 2009حيث شكلنا فرقا جوالة للبحث بين القرى السريانية والكلدانية والاشورية في مختلف الاقضية والنواحي، وكان هذا المتحف قسما تابعا الى المديرية العامة لثقافة الفنون السريانية وهو تابع الى وزارة ثقافة اقليم كردستان، ثم تحولت الى مديرية التراث والفنون الشعبية السريانية، ولدينا الاف القطع التراثية، وما نفتخر به ان 80 بالمئة من المقتنيات هي هبات من ابناء شعبنا وهو حافز يجعلنا نعمل اكثر, وهو شرف كبير. واستطاعت تلك الفرق جمع مقتنيات تراثية كثيرة كانت مهملة في امكنة مختلفة، اول الامر وضعنا تلك المقتنيات في بيت صغير، وفي البداية كانت هناك اخطاء مهنية بمعالجة تلك الاشياء التراثية في الصيانة والخزن، ولكن بعد ذلك تمكنا من العمل بشكل علمي واكاديمي من خلال فتح دورات تدريبية تخصصية للملاك المشرف على المتحف، في المعهد العراقي لصيانة الاثار والتراث المدعوم من مجموعة من الجامعات الاميركية التي يشرف عليها اساتذة متخصصون بهذا الشأن، وتم افتتاح المتحف بشكل رسمي لاستقبال المواطنين بتأريخ 11/ نيسان / 2011بمناسبة رأس السنة البابلية الآشورية ” أتيتو “.

الإرث السرياني
نحن جزء مكمل للارث الحضاري السرياني ونعمل على توثيق فترات زمنية لا تزيد على من مئتي سنة, ولذلك هو متحف الفولكلور السرياني, وهناك ثلاثة اجنحة في المتحف واحد للازياء واخر للفخاريات واللوازم البيتية التي كانت تستعمل انذاك اضافة الى الالات الزراعية التي كانت تستعمل في الحراثة والحفر والحصاد, وهناك فخاريات وخزفيات حجرية وطينية ومعادن متفرقة, وفي الجناح الثالث قمنا بترتيب مجموعة من المطاحن والرحى و” الجاروشه ” اليدوية والالات وبعض الحرف التي انقرضت مثل ” قوس النداف ” وكذلك ” جومة الحايك ” ودولاب الغزل وهناك قاعة لتوثيق الثقافة السريانية وتعريف الزائر “من نحن ” بحسب ما منحنا من حقوق من قبل برلمان وحكومة اقليم كردستان، وفي ضوء هذه الحقوق توجد لدينا المديرية العامة للسريان في وزارة ثقافة اقليم كردستان ومديرية عامة في وزارة التربية ومديرية عامة للوقف المسيحي, ومن خلال نيل تلك الحقوق عملنا بجدية من اجل التواصل ونحن جزء اصيل من الشعب العراقي ولكن لم ننل حقوقنا بعد سقوط حضارتي بابل واشور, ولكنها عادت الينا في هذه السنوات، وهذه الحقوق ممنوحة في كل منطقة يوجد فيها كلدان واشوريون وسريان ومن الواجب علينا ترجمة هذه القرارات بفعالية وبجدية لتطوير هذا المتحف بشكل احسن يليق بالتراث السرياني.

الثقافة السريانية
واكد فاروق عتو ان القاعة الثقافية تضم رواد النهضة الثقافية والفكرية مثل الصحافة التي تمثل اقدم الصحافات في المنطقة وكذلك المسرح السرياني وهو اقدم مسرح في العراق وفي مجال المطبوعات والمخطوطات التي طبعت في عام 1849 وهي اول مطبعة دخلت للعراق من “الدومينكان ” وفي الجانب الاخر من القاعة تجد اسماء الاثاريين امثال توني جورج والاستاذ انستاس الكرملي وغيرهم من الشخصيات التي شكلت جانبا مهما من تاريخ العراق .
واشار مدير المتحف الى قاعة اخرى فيها لوازم المهن المنقرضة في قرانا ومنهم الاوائل الذين عملوا في مجالاتهم
المتعددة مثل كوركيس عواد الذي كان له الشرف الاول في فهرسة المكتبة العراقية واول دبلوماسي واول من ارخ ادب الرحلات,
واول امرأة صحفية, واسماء المدارس السريانية ومعلميها، وايضا تاريخ الفنانين مثل الاخوين بشير وهما من
عقرة والبير عيسى ولويس زنبقة والكثير من الذين الفوا وغنوا وادوا التراتيل الدينية .
وتحسرعتو على اشياء تراثية لم تعرض بسبب ضيق المكان, وهذا المكان الذي يتكون منه المتحف هو منحة من مديرية بلدية “عينكاوه ” وهم مشكورون على هذه الهدية ولكنها بناية صغيرة ليست بمستوى الطموح، ويعمل في المتحف اربعون موظفا اضافة الى ورش العمل المتعددة من قسم الخياطة والتطريز والحياكة والغزل وصناعة الاحذية القديمة وقسم الفخار والاكسسوارات القديمة التي نستنسخها بموجب نسخة قديمة لنستعملها في الاعياد الدينية والوطنية، وهناك ارشيف صوري لشخصيات من الكلدواشوريين وسريان وأقمنا عدة معارض، واهم شيء في هذا العمل هو التوثيق، فنحن نوثق كل شيء بعد اقامة الصيانة على المقتنيات ونصورها ونضع تسلسلا وفق فهارس، ومستقبلا سوف نجمع كل هذا الارشيف ليكون مرجعا فهرسيا للمتحف والباحثين في هذا المجال التاريخي، نحن نعمل بارشيف تقني عالٍ، وهناك اشياء ثمينة في بعض الاديرة والكنائس ولكن لم تخزن بشكل جيد واخذنا بالحسبان التغيرات الطوبوغرافية على هذه التحف القديمة القيمة.

نشاطات دينية
كذلك اكد مشاركتهم في النشاطات والمناسبات الدينية والوطنية التي نحاول ان نؤكد توثيق الثقافة الشفاهية وسماع الحكايات من كبار السن لتوثيق تلك الحكايات التي تشكل جانبا مهما من الموروث السرياني، وحتى نعرف كيفية طرق الغناء والرقص لكل منطقة ومدينة وامتدادات تلك الرقصات ومن اين نبعت، ومعرفة عادات الزواج والخطوبة وكل الاشياء الحياتية التي كانت سائدة.
نحن هنا نشكل حركة دؤوبة في فترات الدوام الرسمي، كذلك نشكل فرق عمل في المناسبات ونرى انفسنا في هذا المتحف بمثابة أسرة من اخوة واخوات ونعمل بجهود عمل جماعي وهذا ما نفتخر به, وانا اشكر كل من أسهم في بناء وديمومة هذا المتحف الثري الذي يمثل تاريخ قوميات وامم ولغة سريانية شكلت منعطفا كبيرا في تاريخ البشرية.

قرية «كوي ارموتا»
فائزة ابراهيم مسؤولة قسم الازياء التي تشرف على تصميم الازياء السريانية والكلدانية والاشورية وفق ما يحصل عليه المتحف من ثياب قديمة من المدن والقرى الاشورية المنتشرة في اقليم كردستان او محافظة نينوى او محافظة كركوك قالت: ” ان هذا القسم يتكون من ثلاثة عشر زيا جمعناها من القرى والارياف مثل ” برطله – عينكاوه – تليكيف – تلسقف – بطنايه – كويه – شرمن ” ولدينا زي العروسة القديم وزي القس القديم، وتتمثل هذه الازياء للديانة المسيحية، فالكلدواشوريون كانوا يستعملون زي العروسة الرسمي المحبب الى نفوسهم وفق العادات والتقاليد القومية والدينية، ونحن في هذا القسم نحصل على زي قديم ثم نستنسخ على مواصفاته بشكل مطابق جدا ونحتفظ به ونقدم هذه الازياء في العروض والاعياد والمناسبات في سبيل ترسيخ هذا الفولكلور والحفاظ عليه، كذلك نعمل الاكسسوارات التي تشبه النسخة القديمة عن طريق شراء المادة الخام من الاسواق ونقوم بصناعتها في الورش الخاصة بالمتحف، وهذا زي العروس هو لـ ” كوي ارموتا ” وهي قرية مسيحية تبعد تقريبا ساعة عن محافظة اربيل.

أزياء فولكلورية
هو زي نسائي يتكون من عدة قطع ملونة ما زالت بعض النساء الريفيات او الكبيرات بالعمر يلبسنه في “بطنايا “وقد قمنا بخياطة احجام منه للحاجة اثناء المناسبات، ونحن دخلنا دورات تأهيلية في المعهد العراقي الاميركي لمعرفة تلك الازياء المهمة التي تؤكد عراقيتها التاريخية والفولكلورية، ونحن نمنح الازياء بالاستعارة للمدارس او المناسبات والمهرجانات، واخذت فائزة تشرح عن الازياء السريانية وكيفية التداخل في الزي الكردي الفولكلوري مثل زي ” ارادن ” في محافظة دهوك وهو قريب جدا من ازياء ” كوي ” او ” عينكاوه ” ما عدا برطله التي تختلف بملبسها وتستعمل ” دشداشة ” مع ” يلك ” اضافة الى منطقة ” بطناية ” التي يلبس أهلها” الصاية العربية ” وهي من مناطق محافظة نينوى، التي يستخدم اهلها الزي العربي بالكامل مثل ” الكوفية والعقال ” .
واضافت ابراهيم ان الزي الاشوري الذي يتمثل بـ “الخماله” المستعملة من قرى الموصل في ” قرقوش ” و ” بغديدي ” و” كرمليس ” كل هذه الازياء تستعمل حتى الان عند بعض القرى والارياف. واشارت الى زي الراعي القديم الذي يتمثل في ” الفروة ” و ” اللباد ” التي يستعملها في الشتاء الثلجي اثناء تجواله بحثا عن الكلأ في المراعي.

أدوات منزلية
اثناء التجوال في متحف التراث السرياني شاهدت عملا جديا في سبيل الحفاظ على هذا الارث الفولكلوري واعجبتني طرق الصيانة والاعتناء بهذه الاشياء التي تمثل زمنا مضى مثل ” حدوة الحصان والمشط الحديدي الذي يستعمل لتمشيط شعر الحصان وادوات النجارة القديمة ومطرق المسامير،وحتى القدور القديمة النحاسية والاباريق و” اللكن ” والهاون ” والصاج ” للخبز، وهناك في الزاوية ” جهاز تقطير قديم لصناعة المشروبات ” وحوض حجري متعدد الاستخدامات في المنازل و” الجاون ” .

قاعة الأدباء
تميزت قاعة الادباء بالحفاظ على مخطوطات سريانية موغلة في القدم وبعض السير الذاتية لادباء سريان مثل ادمون صبري والشاعر يوسف نعيم، ويوسف حبي وكوركيس عواد وجرجيس فتح الله، اضافة الى ارشيف عن الكابتن الراحل عمو بابا ونسخ من صحف قديمة مثل مجلة ” النجم ” وصحيفة المشرق ” ومجلة ” اكليل الورود”.
الصباح

Read more: http://www.sotaliraq.com/mobile-news.php?id=121465#ixzz2ir37nUwb

الاقسام

اعلانات