الاثار العربية

قصر الدكوة.. تحفة رومانية

55

يُعرَف قصر الدكوة الأثري، الواقع على كتف مرتفع مطل على سهل البقاع، بأنه عبارة عن معبد أثري روماني، بناه الأمبراطور أدريان، ما زالت شواهده ومعالمه قائمة، على الرغم من انهيار سقفه وتداعي بعض حجارته الضخمة، وتآكل بعض مزخرفاته ومنحوتاته الصخرية.
والدكوة هي إحدى القرى الصغيرة المنتشرة، بين الامتدادات الشرقية الموازية لبلدتي لوسي والخيارة. والدكوة كلمة مشتقة من «دوكايا»، وهي تعني باللغة السامية «المكان المقدس»، وفقاً لما ورد في بعض المراجع التاريخية، ويُعتبر المعبد من أهم المعالم التاريخية التي تعود إلى عهد الأمبراطورية الرومانية، لكونه يشبه إلى حد المواءمة، الفن المعماري المعمول به في «قلعة الشمس» في بعلبك.
وهذا المعبد هو أحد أهم النتاجات الفنية المعمارية للحضارة الرومانية التي ما زالت شواهدها ومعالمها قائمة في بلادنا. والمعبد حافظ على واجهاته الأربع، التي ترتصف بحجارتها الضخمة المنحوتة إلى حد الترابط والتماسك، على الرغم من الانهيارات وأعمال التخريب، التي أصابته ونالت من سقفه، مبعثرة حجارته في كل الزوايا والاتجاهات، فيما ظلت ثلاثة من أعمدته الحلزونية الأربعة منتصبة، تعلوها في أعلى الزوايا مزخرفات منحوتة، تشبه المزهريات.
عملت مديرية الآثار في الستينيات على ترميم هذا المعلم الأثري وتأهيله، تحت إشراف مهندسين يتمتعون بالكفاءة المعمارية والخبرة الفنية، ما خفّف من التداعيات، التي أصابت حجارته بفعل عوامل الزمن ومفاعيل الطبيعة، إلا أن هذه الترميمات ظلت قاصرة عن إعادة أحد الأعمدة الحلزونية الى شكله الأساسي، في حين حافظت الأسس والركائز السفلية للمعبد على شكلها ومتانتها وترابطها، بحيث تنتشر في مقدمها المذابح الثلاثة، ويركن أمامها أحد الأعمدة الحلزونية الأربعة الذي سقط بفعل الحروب أو تقادم الزمن وغضبات الطبيعة.
يدخل الزائر بعد الأعمدة الملكية إلى رواق المعبد، حيث تتمدد صخرة ضخمة تحمل مسالك منحوتة متوازية، يليها قدس الأقداس، الذي يرتفع فوق بوابة صغيرة في أعلى المكان، حيث يلفت بعض خبراء الآثار، إلى أن هذه البوابة استحدثت في العصر البيزنطي، بعدما تم تحويل المعبد إلى كنيسة.
وإذا كانت حجارة المعبد قد نخرها التآكل، وأصيبت زواياها بالتفتت وبعضها بالتلف، فإن النافذتين المتقابلتين اللتين يتميز بهما هذا المعبد عن غيره من المعالم الحضارية الرومانية، تبدوان كتحفة منحوتة ومزخرفة من الناحية الخارجية، حيث اعتمدتا لإنارة قدس الأقداس، وفق ما يلفت إليه أحد أبناء البلدة فؤاد حسين، نقلاً عن أعضاء بعثات الآثار اللبنانية والأجنبية، التي كانت تزور هذا المعلم. ويلفت حسين إلى أن حجارة المعبد، لم تستقدم من مناطق بعيدة، إنما نقلت من مقلع قريب، لا يبعد سوى بضع عشرات من الأمتار، مشيراً إلى جبل صخري يلتفّ حول المعبد من الناحية الشرقية ويضم أربع مقابر صخرية تتوسطها النواويس الثابتة التي تعرضت للتخريب على أيدي اللصوص والمنقبين المتطفلين على الآثار.
ويلفت حسين إلى السياج الصخري الملتفّ حول المعبد الذي شيّدته الدولة في الستينيات، حتى تمنع عنه التعديات وأعمال التخريب، حفاظاً على الكنز الأثري المهم، وعلى المعلم السياحي الذي يناجي معبد الشمس في بعلبك.

الاقسام

اعلانات