الاثار العربية المتاحف والمعارض

فنانون سودانيون يضعون الألوان جانبا ويشاركون في معرض «أبيض وأسود

image image

فنانون سودانيون يضعون الألوان جانبا ويشاركون في معرض «أبيض وأسود»
التشكيلي إبراهيم الصلحي: العرض تحد لقدرات الفنان

لوحة فنية داخل المعرض في الخرطوم

الخرطوم: أحمد يونس
تكتسي جدران قاعة «المركز الثقافي الفرنسي» في الخرطوم، منذ ليلة أول من أمس (الأربعاء)، بلونين (أسود وأبيض)، كأنها أعلنت حربا جمالية على فاقع الألوان. ويلتف حول البياض الذي يخالطه سواد ليجمل الحيطان نفر من أهل الرسم والتشكيل وذواقته، ليشي بأكثر من لون رغم ثنائيته اللونية.

وقبيل هبوب نسمة شتوية خفيفة اعتاد السودانيون تذوق لذعتها بعيد مغيب الشمس بقليل، دوت الأكف إيذانا بافتتاح معرض «أبيض وأسود» الجماعي الثالث.

السفير الفرنسي باتريك نيكولوزو، والتشكيلي ذائع الصيت إبراهيم الصلحي، وشيخ الرسامين السودانيين حسين جمعان، وأيقونة الشعر السوداني عبد الله شابو، قصوا الشريط التقليدي، وأذنوا للناس أن متعوا نواظركم بلوحات بصرية بـ«الأبيض والأسود».

ودرجت مجموعة «أبيض وأسود» التشكيلية، وتتكون من تشكيليين سودانيين على إقامة معرض جماعي سنوي، بالمركز الثقافي الفرنسي في الخرطوم، وحظي معرض هذا العام بحضور نوعي ومشاركة لافتة من كبار الرسامين والشعراء وذواقة الفن.

ونبعت فكرة «أبيض وأسود» من عند التشكيلي «الأمين محمد عثمان»، ثم نضجت، وتواصلت حتى معرض هذا العام الذي وعدت بإقامته إحياء لذكرى التشكيلي الراحل والأستاذ بكلية الفنون الجميلة أحمد الأمين بابكر، ووعدت الجمعية بمعرض استعادي لأعماله الفنية كلها، وفاء وعرفانا بفضله على إسهامه في إنزال فكرة «السواد على البياض»، من علياء التصور إلى مشاجب اللوحات وقاعات العرض، ولإسهاماته الجمالية الأخرى.

وأبدى السفير الفرنسي نيكلوزو سعادته بحشد الشعراء والرسامين والفنانين ورموز المجتمع الذين ضجت بهم قاعة «المركز»، وتبعه التشكيلي العالمي إبراهيم الصلحي بالقول: «المعرض يعد تحديا قويا للرسامين، لأنه يقوم على الأبيض والأسود، وبالتالي لا يترك مجالا للاعتذار عن الرسم بحجة فقدان الألوان والمواد».

ويضيف الصلحي، وهو أحد أشهر الرسامين السودانيين، وصاحب مدرسة الخرطوم التشكيلية: «اللون الأسود على الورق الأبيض يعد الدعامة الأساسية لتشكيل العمل الفني».

ويوضح أن استخدام الأبيض والأسود والنغمة الرمادية (Gray half tone) لا تتيح لمتذوق التشكيل مجالا إلا للنظر إليه، باعتباره عملا فنيا مكتملا، فلا يحس المتذوق بفرق بين الرسم واللوحة الملونة، ولوحة الأبيض والأسود باعتبارهما عناصر حقيقية في صنع وتكوين الصورة.

وعلى زاوية مضيئة بالرسوم واللوحات والناس، قال التشكيلي بروفسور حسين جمعان لـ«الشرق الأوسط» إن معظم المعارض الفنية في السودان عادة تكون رسما بالألوان (Painting)، الأمر الذي دفع ثلة «أبيض وأسود» للتفكير في تعريف الذوق السوداني على الرسم باللونين، وأن المعرض الأول وجد قبولا ورواجا كبيرا، وتبعه الثاني والثالث ولقيا النجاح ذاته، وأن الجمعية تستعد منذ اللحظة للمعرض الرابع.

وأضاف جمعان: «قيمة الرسم بالأبيض والأسود غير معروفة في مجتمعنا السوداني، لذا عملنا على إدخال الفكرة في الحياة السودانية، فتقبل الناس إدخال الأسود على الأبيض».

ووصف جمعان اللوحات المعروضة بأنها ذات قيمة فنية عالية جدا، وبأنها أسهمت في رفع الذائقة الجمالية التشكيلية السودانية، مما جعل أعضاء الجمعية يفكرون جديا في إقامة معارض مشابهة خارج البلاد.

وقالت السيدة تهاني عباس، وهي من النشطاء الجماليين، إن اللوحات جميلة، وأعجبتها، وأضافت وهي تحادث محرر الصحيفة باسمة: «لا أعرف الكلام في التشكيل، لكن كل اللوحات التي أمامي جميلة، وددت لو أن بمقدوري شراءها كلها».

وشارك في العرض التشكيليون حسين جمعان، محمد عبد الله عتيبي، عبد الله محمد الطيب، عبد المنعم الخضر، الأمين محمد عثمان، عصام عبد الحفيظ، فتحي محمد عثمان، حاتم الفاضلابي، فاطمة العقلي، إيمان شقاق، مصطفى معز، أحمد الشريف عبود، وطارق نصر عثمان، فيما كان روح ورسوم أحمد بابكر الأمين تملأ المكان بحضور قوي.

ويزعم بعض النشطاء أن معارض التشكيل التي درجت المراكز الثقافية الأجنبية في الخرطوم (المركز الثقافي الفرنسي، مركز جوته، المركز الثقافي البريطاني)، على استضافتها لضعف اهتمام الدولة بالفن ومحدودية قاعات العرض «غاليري»، تشكل متنفسات جمالية تخفف احتقان المدينة السياسي، وتنفخ روح أمل في بلاد تحاول صناعة الفرح والبكاء يحيط بها من كل مكان.

الاقسام

اعلانات