الاثار العالمية السياحة بالعالم

سياحة “أهلية بمحلية”

image

 
موسمٌ سياحي آخر يطلّ برأسه من دون السيّاح الخليجيين. قلّة قليلة جداً كسرت في السنوات الماضية قرارات دولها وأتت إلى لبنان، رغم كافة المخاطر التي ولّدها اندلاع الأزمة في سوريا. اللبنانيون تكيّفوا مع هذا الواقع، ولجأوا إلى البدائل باصطياد سيّاح من دول أخرى، إلا أن النتيجة واحدة: لبنان الذي يفتقر إلى رئيس للجمهورية “يستفقد” أيضاً عجقة السياح و”دولاراتهم”.
في زيارته الرسمية الإولى إلى المملكة العربية السعودية بعد تعيينه رئيساً للحكومة، ناشد الرئيس تمام سلام السعوديين المجيء إلى لبنان (صيف 2014) واعداً إياهم بتمضية “موسم ناري”… سياحياً. لكن شيئاً من هذا لم يحدث. “ولعت” على الحدود بين الجيش والتنظيمات الإرهابية، وتجوّلت السيارات المفخّخة بين الشوارع، وزادت لائحة الإنتحاريين الذين يعدون بمزيد من بحر الدم، فيما لا ينتهي الحديث عن لوائح الإغتيالات التي تستهدف شخصيات سياسية من مقلبيّ 8 و14 آذار.
يكفي النظر إلى شوارع الـ “داون تاون”، التي تحوّلت إلى منطقة أشباح، لاكتشاف الفارق المُحبط بين الأمس واليوم. في باقي المناطق، كما في بيروت نفسها، اتكال على المغامرين الذين لا يجيدون بديلاً عن سحر بلاد الأرز رغم كل مصائبه. انتعشت وكالات السفر والفنادق من أجل اجتذاب فئات من السيّاح لم تكن مُدرجة يوماً على قائمة الأولويات، وتحرّك وزير السياحة ميشال فرعون بكل الإتجاهات. الأمور “ماشية” بالحدّ الأدنى… لكن المطلوب كثير. اللبنانيون يحلمون بـ “هجمة” سيّاح من كافة دول العالم، على رأسهم القادمين من الخليج، ليعوّضوا حرمان السنوات الماضية!
سيكون الإتكال كبيراً، مع قرب فصل الصيف، على “منافع” الحوار الدائر اليوم بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” في إضافة بند كسر الجليد السياحي بعد تذويب الإحتقان المذهبي. البعض الآخر يعوّل على رؤية خليجية جديدة في المرحلة المقبلة ،تعيد لبنان إلى رأس لائحة البلدان المقصودة سياحياً.
الأمر المؤكّد، وفق مرصد المعنيين بالشأن السياحي، وبناء على اتصالاتهم مع مفاتيح في دول الخليج وأوروبا، أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية سيشكّل الشرارة الأولى لغليان سياحي غير مسبوق، خصوصاً أن بيروت تُعتبر الوجهة الأفضل لدى هؤلاء في منطقة الشرق الأوسط.
لكن باستثناء “أشباح” ألـ “داون تاون”، فإن النبض المرصود في الـ “نايت كلوب” والمطاعم، والمقاهي، ومنحدرات السكي، والفنادق في مناطق التزلّج، وممرات المشي في الويك إند في بيروت، والـ “زيتونة باي” توحي بأن البلد بألف خير! ثمة اكتفاء ذاتي مذهل يتقن اللبنانيون ممارسته في أيام المصائب والأزمات. يكفي رصد فاتورة طاولة واحدة في ملهى ليلي نخبوي مع انبلاج الفجر للتيقّن بأن السياحة “المحلية” في ذروتها، وكأنها في حال استغناء عن السياحة الخليجية والأوروبية.
لكن كل الرهان يبقى على العامل الأمني. المؤشّرات حتى اللحظة لا تُطمئِن. ما يزيد الطين بلّة هو أن الجميع يترقّب نتائج الحوار بشأن المفاوضات الإيرانية ـ الأميركية. وثمّة ترويج منظّم مفاده أنه إذا لم يتمّ الوصول إلى اتفاق نووي، فإن الإنفجار الأمني سيحصل على أكثر من جبهة بينها لبنان. بالإنتظار، اللبنانيون يتلهّون بأمور أخرى. لا شيء يؤثّر على “سياحتهم” الداخلية. بحر وثلج وسهر ومطاعم ورحلات… اللبنانيون بألف خير… طمّنونا عنكم.

الاقسام

اعلانات