الاثار العالمية المتاحف والمعارض

معرض في واشنطن يضيء على التفوق المذهل لحضارة الإنكا في الهندسة

image

 

حتى من دون اي دراية بالعجلات او الحديد، يظهر التفوق الكبير لحضارة الإنكا في مجال الهندسة عبر معرض في واشنطن مخصص ل”كاباك نان”، وهي شبكة دروب تعبر ست بلدان سمحت بازدهار الامبراطورية الاكبر في الاميركيتين. ويصور معرض “الدرب الكبير لحضارة إنكا: بناء امبراطورية” في معرض “ناشونال ميوزيم اوف ذي اميركن انديان” في العاصمة الفدرالية للولايات المتحدة اعتبارا من الجمعة، ابرز المحطات في هذه الشبكة من الدروب الممتدة على 40 الف كيلومتر والزاخرة بالجسور المشيدة قبل اكثر من 500 عام. وأوضح مفوض المعرض في معهد سميثسونيان البيروفي راميرو ماتوس أنه “من دون هذا الدرب لم تكن على الارجح لتظهر امبراطورية الإنكا، فقد شكل هذا الدرب عنصرا استراتيجيا تم تصوره بدقة لخدمة هيكلية الدولة”. ومن العاصمة كوزكو، كانت حضارة الإنكا (ويعني اسمها “الملك” بلغة كويتشا، احدى لغات هذه الحضارة) تحكم امبراطورية بمساحة مليوني كيلومتر مربع تمتد من غرب الارجنتين الى جنوب كولومبيا الحالية. واستمر حكم هذه الامبراطورية على مدى قرنين حتى الغزو الاسباني سنة 1532. وكان الدرب الرئيسي المحاذي للمحيط الاطلسي يمتد على ستة الاف كيلومتر من الشمال الى الجنوب. وكانت “كاباك نان” ومعناها “درب الملك” تسلكها قوافل من حيوانات اللاما خلال نقلها للبضائع الواردة من المناطق الاربع الكبرى في الامبراطورية: الذرة من المساحات الزراعية الكبيرة في الشمال، واوراق الكوكا والذهب من الامازون، والمنتجات البحرية وذرق الطيور من السواحل اضافة الى الملح والبطاطا من الجنوب. كما كانت انزال تنتشر على طول الدروب المستخدمة ايضا من جانب الجنود خلال الحملات العسكرية كذلك من المخبرين الذين ينقلون الاخبار عن حالات الانشقاق او المحاصيل السيئة للملك الذي كان يدير كل شيء “من عرشه محاطا بـ300 راقصة ومساعد”، بحسب ماتوس. هذا الدرب المصنف موقعا مقدسا كان يتلقى تقدمات من الحجاج للارواح الساكنة في الجبال وعلى الارض (باتشاماما)، وهو تقليد مستمر حتى اليوم. ومع تقنياتهم واليد العاملة التي كانوا يستحوذون عليها بفضل غزوهم للقرى، نجح ابناء حضارة الإنكا في ترويض احدى اكثر المناطق الوعرة في العالم، عبر رسمهم طرقات تعبر جبال الانديس بقممها المكسوة بالثلوج والأخاديد السحيقة والمناطق الصحراوية، كل ذلك على ارتفاعات هائلة في بعض الاحيان. هذه الانجازات تبدو مذهلة اكثر نظرا الى ان افراد هذه الحضارة لم يكونوا على دراية بالتقنيات التي شكلت تقدما اساسيا استفادت منه حضارات اخرى: اذ لم يكن هناك وجود للعجلات ولا للحديد ولا للحيوانات الكبرى المستخدمة في نقل البضائع. وبالتالي لا تزال تقنياتهم لتحطيم الصخور وشق الانفاق بمثابة “اللغز”. وبرأي خوسيه بارييرو وهو ايضا مفوض للمعرض، أحد اهم مواضع التقدم في حضارة الإنكا كانت قدرتها على شق قنوات للمياه. الا ان هذه الشبكة المذهلة من الدروب سهلت تقدم الغزاة الاوروبيين الذين استفادوا من راحة اكبر في التحرك خصوصا في ظل حركات التمرد والاوبئة التي كانت تنخر امبراطورية الإنكا. وبعد حوالى خمسة قرون على سقوط امبراطورية الإنكا، لا تزال أجزاء من الدرب الذي ادرجته منظمة اليونسكو سنة 2014 ضمن قائمتها للتراث العالمي، مركز عبور لمجموعات من سكان جبال الانديس ممن لا يزالون ينطقون باللغات القديمة المتوارثة من أيام اسلافهم اي الكيتشوا والأيمارا. ويتجمع القريون في كل سنة لاجراء اصلاحات ولصيانة هذا الدرب. ويستمر المعرض المخصص لهذه الحضارة في واشنطن في حزيران/يونيو 2018، وهو الأول المخصص للهندسة في زمن الإنكا بحسب منظميه الذين يتوقعون أن يجذب 5,2 ملايين زائر. وبفضل الصور والشهادات والمجسمات والخرائط التفاعلية، يستكشف المعرض الذي استلزم التحضير له سبع سنوات، ايضا اصول امبراطورية الإنكا اضافة الى حضارة سكان جبال الانديس. وقد تجنب الخبراء الخوض في الجوانب الاكثر شهرة في هذه الحضارة مثل مهاراتها المذهلة في صياغة الذهب وتقديم الاضاحي البشرية والعبودية. كذلك يعرض حوالى 140 قطعة فنية من مجموعات ثقافات السكان الاصليين لأميركا اللاتينية في هذا المتحف الذي يضم اكثر من 200 الف قطعة معروضة في المجموع.

http://q99.it/9FARKgp

الاقسام

اعلانات