الاثار العالمية

في كمبوديا عالم غامض قام في ظل مملكة انغكور

photo_1374498825817-1-0

تصطف حوالى مئة من الجرار واكثر من عشرة نعوش في الادغال الكمبودية جنوب سلسلة جبال فنوم كرافنه وهي موضوعة على سفح جرف صخري شاهدة على طقوس جنائزية غامضة في عالم عاصر مملكة انغكور وعاش في ظله.

منذ سبع سنوات تستكشف نانسي بيفان عالمة الاثار المتخصصة بالتأريخ بالكربون 14 سلسلة الجبال هذه بحثا عن تاريخ هؤلاء الرجال والنساء والاطفال المحفوظة رفاتهم في ما لا يقل عن عشرة مواقع اثرية.

وبعض هذه الرفات اتية من مملكة سيام اي تايلاند الحالية وبعضها الاخر من مملكة انغكور المجيدة (من القرن التاسع الى القرن الخامس عشر) التي تشكل معابدها الرائعة قبلة السياح من العالم باسره في شمال البلاد.

وقد انطلقت عالمة الاثار النيوزيلندية في هذه المغامرة بالصدفة تقريبا من خلال تأريخها لجزء من عظمة حفظت لمدة ست قرون في وسط الادغال. ومنذ ذلك الحين تحاول ان تفهم خصوصا كيف تواجدت هذه الجرار التي يعود اقدمها الى القرن الرابع قبل الميلاد.

فبحسب الديانة البوذية الكمبودية فان الروح تتقمص مجددا في جسد جديد لحظة الوفاة ويستحيل الجسد رمادا للسماح بهذا التحول. وتتساءل نانسي بيفان “لماذا وضعت هذه العظام في جرار. هذا الامر غير معتمد في اي مكان اخر في كمبوديا”.

في موقع بنوم بل على ارتفاع 97 مترا، وضعت معا عشر جرار يعود بعضها الى حقبة انغكور من القرن الخامس عشر الى القرن السابع عشر فضلا عن 12 نعشا من القرن الرابع عشر الى القرن السابع عشر. واظهرت التحاليل انها كانت تحظى بالصيانة على مدى قرون.

ويقول تيب سوخا احد خبراء الخوف القلائل في كمبوديا ان هذا النوع من الخزف “هو من افخر الانواع وهو متوافر بشكل كبير هنا مما يشير الى ان هذه الطقوس كان مقدسة وتمارس بشكل واسع”.

ويزيد من الغموض المحيط بها ان هذه النعوش المصفوفة، صغيرة الى درجة لا يمكنها فيها الا ان تحوي رفات طفل. ويحوي احد النعوش رفات امرأة ومولود جديد.

وتوضح بيفان “هذه النعوش فريدة من نوعها ولا مثيل لها في تاريخ كمبوديا. انها ذخائر لم تنقل ابدا من مكانها”.

وهي تعتبر ان الشعوب التي اقامت هنا في تلك الفترة كانت قبائل من الخمير تعيش في الجبال وقد افلتت من النفوذ الهندي في كمبوديا ومن البوذية. وتوضح “لا علاقة لهم بتاتا بسكان مملكة انغكور بل كانوا يعيشون في ظلها”.

وتضيف “ربما كانوا من عبيد انغكور الفارين”.

وقد تقدمت الابحاث التي اجرتها عالمة الاثار خطوة كبيرة في العام 2005 عندما حصد صيادو اسماك في شبكاهم قبالة مدينة كوه كونغ جرارا سيامية مماثلة لتلك الموجودة في بنوم بيل وفي المواقع الاخرى.

وقد تم العثور بعد ذلك على حطام سفينة من القرن الخامس عشر تنقل العاج والخزف الصيني فضلا عن جرار سيامية وانغكورية. وشكل ذلك اشارة الى ان سفنا كانت تأتي على الارجح من مملكة سيام للاتجار بها.

ورغم قيمة هذه الاكتشافات فان المحافظة على هذه القطع لا تزال تطرح مشكلة. ففي كوه كونغ لا تزال مئات القطع التي عثر عليها في حطام السفينة مكدسة في قاعة خلفية في محكمة المنطقة منذ العام 2007.

لكن السلطات المحلية في كوه كونغ تفكر بانشاء متحف للاضاءة على “تنوع الثقافة الكمبودية” وجذب الزوار.

في العام 2012 شهدت المنطقة قدوم مئة الف سائح محلي واجنبي اتوا للتمتع بجمال سلسلة الجبال وهي من الاغنى على صعيد التنوع البيئية في المنطقة.

ومنذ سنتين تعمل اليونسكو على تشكيل ملف لتصنيف هذه السلسلة بين المحميات والمساهمة في حمايتها.

وتضفي الحطام والجرار والنعوش بعدا ثقافيا قد يكون له ثقله في الملف. وتقول آن لوميستر ممثلة اليونسكو في كمبوديا “عدم التحرك يشكل جريمة!”

وقد نشأت الكثير من المشاريع الصناعية ولا سيما الصينية منها في السنة الاخيرة قاضية على اشجار الغابة لبناء مصانع في حين ان الصيادين ومهربي الخشب ينهبون النظام البيئي.

وتقول لوميستر”من اجل تصنيف المنطقة نحتاج الى الكثير من العناصر. لكن حجم التوسع الصناعي الحاصل في المنطقة يقلقنا كثيرا”.

الاقسام

اعلانات