:
تصوروا كوكب الأرض وقد حل به دمار شامل أو كوارث أدت إلى تدمير المحاصيل الزراعية الأساسية على سطحه. بحال وقوع كارثة مماثلة، فهناك هذا المخزن المحفور بقلب أحد الجبال على جزيرة بالمحيط المتجمد الشمالي حيث تُخزّن فيه البذور التي يمكن أن تضمن استمرارية العرق البشري ونجاته.
اختير هذا المكان بسبب بعده، لأنه بعيد جداً عن مناطق النزاع حول العالم. وكذلك بسبب الجغرافيا الطبيعية الموجودة هنا، لكن لم يتخيل أحد من المعنيين في مشروع قبو سفالبارد العالمي للبذور، بأنه سيرى عملية سحب في حياته.
تصوروا كوكب الأرض وقد حل به دمار شامل أو كوارث أدت إلى تدمير المحاصيل الزراعية الأساسية على سطحه.
بحال وقوع كارثة مماثلة، فهناك هذا المخزن المحفور بقلب أحد الجبال على جزيرة بالمحيط المتجمد الشمالي حيث تُخزّن فيه البذور التي يمكن أن تضمن استمرارية العرق البشري ونجاته.
المخزن الذي يلقّبه البعض بـ”قبو يوم القيامة” فتح أبوابه لأول عملية سحب كبرى للبذور تُسجل في تاريخه، والسبب لم يكن مرتبطا بكارثة استثنائية خرجت عن سيطرة العالم بل بسبب حرب.. الحرب في سوريا.
فبعد المصاعب التي واجهتها بمحاولة الوصول إلى مخازنها في حلب السورية التي مزقتها الحروب، قامت إيكاردا، وهي المركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة، بطلب جزء من مخزونها من البذور المودعة في “قبو يوم القيامة” القطبي.
محمود الصلح: هنا نخزّن البذور القادمة إلينا من أقبية التخزين في سفالبارد النرويجية.
وبمقرها الجديد الموجود في لبنان، يحال مدير إيكاردا، محمود الصلح، مواجهة تحدي أداء دوره بالحفاظ على جينات سلالات البذور القيّمة.
هذه البذور تعود لنباتات برية قريبة جينيا من القمح لم تعد موجودة في الطبيعة على الأغلب.
من أين تنبع أهمية ما أحمله في يدي؟
محمود الصلح: هذا النبات سيكون مصدرا لبعض المزايا المهمة لدى النباتات القادرة على مواجهة الجفاف، بما في ذلك أيضا مواجهة موجات الحر والأمراض والأمور المماثلة.
ولكن الأمر لا يقتصر على السلالات البرية فقط، فهناك بذور لمحاصيل أخرى مثل بذور الفول هذه، والتي يزرعها الفلاحون منذ مئات السنين.
هذه البذرة، منذ لحظة حصادها بعد أجيال طويلة من الزراعة ربما تمتلك في جيناتها مزايا قد تقدم لنا في نهاية المطاف المفتاح لنجاة الكائنات الحية ولكننا لا نعرف ذلك بعد.
هذه البذور، التي تمتلك ميزات جينية قد يتضح أنها ضرورية للغاية من أجل مساعدتنا على التأقلم مع التبدلات المناخية، ستُزرع مجددا في لبنان، المجاور لسوريا، وقد جرى أيضا بناء مخزن بديل لذلك الموجود وسط الحروب في حلب، بالإضافة لوجود مشروع مرادف يتحضر في المغرب.
تنوّع المحاصيل الزراعية شرط أساسي لضمان الأمن الغذائي، ويؤكد الخبراء أن ماضينا الزراعي أساسي لبقاء العرق البشري مستقبلا. لكن الحرب أجبرت البشرية على البدء بتنفيذ خططها الاحتياطية بأسرع مما كان أحد يتصور.
ما أن تتمكن إيكاردا من إعادة بناء مخزونها من هذه المادة الوراثية المهمة، سيتم إعادة البذور وتخزينها مرة ثانية هنا في سفالبارد. هناك حوالي 860 ألف نوع مختلف من البذور حول العالم محفوظ في منطقة مبردة بدرجة حرارة تبلغ 18 درجة تحت الصفر. وحتى ولو انقطعت الكهرباء، سيستقر ذلك الفولت على درجة سالب 8، مما يعني أن المادة الوراثية ستبقى متوفرة لأجيال عدة.