مقالات

روائع الفن الإسلامي في مصر ..أبواب المساجد فن الحضارات الراقية

7201328112119

أبواب المساجد مزيج من فن الزخرفة والأرابيسك والخط العربي
الفنان القبطي استلهم من أبواب المساجد العناصر الزخرفية
أسرار الأبواب العشرة وخباياها .
قمة الإبداع عند تزاوج الفن القبطي والإسلامي .
لولا الأخوين الجوهري لاندثرت كنائس مصر القديمة .
كان نشر العقيدة هو الهاجس الأول الذي يحرك المسلمين في خطواتهم الأولى نحو تأسيس دولتهم، وفى هذا الوقت التفتوا إلى فنون الأمم السابقة واقتبسوا منها، وفى مصر ظهر التأثر بالفن القبطي الذي جاء مزيجاً من العقيدة المسيحية والجذور الفرعونية، وعندما وضع المسلم نظريته الخاصة في الفن والعمارة من وحى ثقافته الإسلامية وخصوصيته الدينية لم يتنكر لبداياته، ولم يجد هو أو الفنان القبطي غضاضة من تبادل الثقافات، بل اندمجا معاص في علاقة تأثير وتأثر حتى أصبح ثالوث العمارة الإسلامية، الخط والزخارف النباتية “الأرابيسك” و”الهندسية” “الأطباق النجمية ” خطاً مشتركاً بين عمارة المسجد والدير والكنيسة، وهو ما تعبر عنه بوضوح أبواب الكنائس والمساجد الأثرية في مصر.
ما تزال بعض الأبواب الأثرية موجودة في واجهات بعض المساجد الكبيرة كما في مسجد المؤيد المجاور لباب زويلة، ولم تنفصل عمارة الأبواب والمساجد بصفة عامة عن الثابت العقائدي للفنان المسلم وهى وحدانية لله، فانطلقت الإبداعات المعمارية من ثوابت عقائدية وفلسفية هي السماء والنور والماء والأرض، فالمسجد فراغ مفتوح للسماء مصدر النور الروحاني للأرض يحتوى أحيانا على فوارة للماء، وقد يزرع الفراغ بالأشجار، وقد يحيط به من جانب أو عدة جوانب رواق أو أكثر أهمها رواق القبلة، حيث المحراب في صدر المسجد، وتختلف طرق الإنشاء والمواد حسب إمكانيات البيئة الزمنية والمكانية والظروف الحضارية للإنسان .
تواصل روحاني
والمسجد فراغ ديني يدور في فلك حدث روحاني إنساني، وهو فلك الاتصال بين المسلم كمادة مخلوقة وبين العالم الأعلى، أو بين الإنسان والحق المطلق الواحد سبحانه وتعالى، ويحدث هذا الاتصال على المستوى الروحاني المطلق من خلال المئذنة، أما الاتصال الإنساني المادي فيتم عن طريق عن طريق المدخل بانتقال الإنسان مادياً من الفراغ الخارجي إلى الفراغ الديني، والمدخل أصبح نقطة جذب في الواجهات وجاء ارتفاعه ليؤكد الارتقاء لأعلى والانتقال الروحي والنسبي، أما العتب فغالبا له عتب أفقي يقف عنده مستوى ارتقاء العين، لأنه لو كان معقوداً فإن مستوى ارتفاع العين سيصعد ويعود مرة أخرى إلى الأرض، وهذا يحمل في طياته تعارضاً مع المعنى الرمزي الذي قصده المعماري المسلم في مداخل المساجد، ويتفق تشكيل المدخل وطبيعة البيئة المحيطة بالمسجد ويتلاءم مع اتجاه الشارع الخارجي واتجاه الفراغ الخارجي نحو الكعبة .
أبواب دقيقة التصميم
وكان من المعتاد أن يتألف الباب في هيكله الخشبي من حلق أو صندوق يثبت في الجدار، و”بر” أو حاجب يخفى خطوط الالتصاق بينه وبين الحائط، وعدداً من المصاريع التي تزداد وتنقص وفقا لاتساع المدخل، ويتكون المصراع بدوره من إطار وعوارض تتخللها حشوات مجمعة تصغر وتكبر، وتزداد زخارفها أو تنقص تبعاً لإمكانيات صاحبها، وللباب عادة عتبتان إحداهما سفلية تسمى “الأسكفة” والأخرى علوية تسمى “الساكف”، وقد تنوعت أشكال الأجزاء المختلفة لهذه الأبواب من المفاتيح والأقفال والسقاطات والمطارق، ووصلت في العصر الإسلامي إلى أعلى مستويات التصميم ودقة التنفيذ .
أبواب عشرة
وكما يشير د. عاصم رزق في معجمه حول الفنون والزخارف الإسلامية فقد انحصرت أنواع الأبواب التي عرفتها العمارة الإسلامية في مصر إبان العصر المملوكي في عشرة أنماط، هي :
“باب الحلية”
أي الزينة فهو لم يكن باباً نافذاً يصل إلى بيت أو قاعة بل صمم للتماثل مع باب آخر يجاوره أو يقابله كما هو الحال في دخلات النوافذ والمآذن وغيرها .
” باب الريح ”
ويقصد به فتحة في الحائط لاستقبال الريح الطيبة الخفيفة في فصل الصيف،
“باب الروضة”
فيقصد به في المصطلح الأثري، الباب الذي يوجد في مؤخرة المنبر أسفل جلسة الخطيب
” باب السر ”
الذي كان يصمم خلف خزائن الملابس أو المؤن للنجاة في حالة الخطر أو حصار القلعة أو الحصن وفى العمائر الصغيرة ولاسيما الحمامات التي كانت تستخدم بغرض التخفي حتى لا تنكشف الحريم وقد عرف هذا الباب بـ” السحارة ” أو الباب الخلفي .
كما وصف أحيانا في وثائق العصر المملوكي بصيغة باب سر لطيف أي باب صغير ودقيق ومنسق.
“باب كشكة”
أخذت تلك التسمية من الفارسية كشاكش بمعنى السحب أو الجر ويقصد بباب الكشكة الباب الذي يجر أو يسحب في اتجاهين متعاكسين .”الباب المربع” وهو الباب الذي لا يعلوه عقد وإنما ذات صنجات معشقة وقد تفنن المعماري المسلم في تغطية تلك الأعتاب بأنواع حجر الكدان الأحمر والأبيض وحجر الصوان والرخام .
“الباب المقنطر”
الذي يغطيه عقد نصف دائري أو مفصص، أو على هيئة حدوة فرس، وكان ذلك الباب يُبنى من الأجر والرخام وحجر الصوان ومنه الصغير والكبير .
“الباب المطبق”
وهو باب خشبي يتكون هيكله الرئيسي من رؤوس تغطيها ألواح خشبية ذات دسر أو حشوات مجمعة، وقد تطبق عليه أشرطة من الحديد والنحاس أو خشب الجميز .
“باب المنزلق”
الذي يصنع من مشبكات حديدية ينزلق من أعلى إلى أسفل على سكة حجرية بواسطة أسلاك أو حبال تلتف حول بكرات خاصة تساعد على انزلاقه بالشكل المطلوب، فكان أحد العناصر الدفاعية في أسوار القلاع والحصون وقد شاع  في العصر الروماني ولم يعرف في العمارة الإسلامية إلا في قصر الأخيضر الذي بناه الخليفة المنصور في الجنوب الشرقي من الكوفة عام “61ه – 778م” تزاوج إسلامي وقبطيلقد طور الفنان المسلم أساليبه الخاصة في الزخارف وتطور فن الرقش العربي” الارابيسك”، أو الزخارف النباتية إلى جانب الزخارف الهندسية، وقد صنع الفنان المسلم تزاوجاً بين الزخارف النباتية والهندسية، فيما يعرف بـ”الجامة”،  فكان الطراز الإسلامي السائد هو الفن الإسلامي بثالوثه المميز في الزخرفة الارابيسك، والطبق النجمى، والخط العربي وربما يعكس ذلك التزاوج الفني إن “سميكة باشا” عندما شرع في بناء المتحف القبطي عام 1910 لم يجد أفضل من واجهة المسجد الأقمر -الذي بناه الحاكم بأمر الله ويوجد حاليا في شارع المعز لدين الله في قلب القاهرة الفاطمية- نموذجاً لبناء متحف يؤرخ للفن القبطي، ويمكنا بفعل التزاوج الفني الإسلامي القبطي أن نشاهد خزانة كتب في المتحف القبطي عليها رسومات نباتية مطعمة بالعاج وان نشاهد في باب هيكل كنيسة أبى مقار بوادي النطرون القرن العاشر الميلادي زخارف متطورة من العناصر الأموية مخلطة بالأساليب الفنية العباسية من فروع نباتية متموجة وأنصاف أوراق تخيلية وحلزونات صغيرة فيها أوراق عنب خماسية .
الأخوين “الجوهري”
وينطبق ذلك على الباب الخشبي في هيكل بنيامين بدير أبى مقار ففيها زخارف هندسية ونباتية تحتفظ بكثير من الأساليب الأموية في لحفر على الخشب، كما أدخل الفنان القبطي الكتابات العربية في عمائره فكان يكتب أعلى الباب المدخل في كثير من الأحيان الآية الإنجيلية “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة” كما أن الحجاب الخشبي في الكنيسة امتلأ بالعبارات العربية، وفى مقبرة الأخوين إبراهيم وجرجس الجوهري، بمصر القديمة نجد المشربيات والأبواب الخشبية التي شيدت على الطراز العربي، والأخوان الجوهري كانا من الشخصيات البارزة في العصر المملوكي فكان إبراهيم الجوهري مستشاراً للإدارة المالية وشقيقه جرجس مسئولاً عن إدارة الضرائب في عهدي نابليون ومحمد على، وقد عمل كلا الأخوين على ترميم وصيانة الكنائس في مصر، ولولاهما لكان من الممكن أن تختفي كنائس مصر القديمة.

admin

الرؤية: توفير محتوى عربي مميز
الرسالة: ايصال المعلومة بشكل شيق ومفيد

Add Comment

انقر هنا لإضافة تعليق

الاقسام

اعلانات