الاثار العالمية

دراهم عربية في غرب سيبيريا

4KLAD_3

إن العثور على أربع قطع فضية صغيرة، اسودت عبر الزمان في غرب سيبيريا، يمكن أن تغير تماماً الصورة التي تشكلت حول هذا الاقليم.

غالبا ما يطلق على مدينة تيومن بأنها عاصمة النفط والغاز الروسية، حيث يقدر عدد منابع النفط والغاز الموجودة في هذه المنطقة أكثر من 600 حقل، مع الاشارة إلى أن هذه المنطقة ليست غنية فقط بالثروات الباطنية وإنما بالكنوز التاريخية العريقة. القيمة الأكبر للمؤرخين تكمن في نتائج الحفريات التي يجريها علماء الآثار. جدير بالذكر أن سيبيريا لم تكن أبدا منطقة مكتظة بالسكان علماً أن المدن الكبيرة هنا بدأت تظهر في القرن 17 ، ولذلك فإن المكتشفات الأثرية في هذه المنطقة أمر نادر. ولكن الاكتشاف القيم الذي عثرت عليه مجموعة من علماء الآثار تحت إشراف الكسي غوردينكو منذ بضعة أيام يعتبر الأول من نوعه في تاريخ الاقليم.

لأول مرة، ليس فقط في منطقة تيومن، ولكن في جميع أنحاء غرب سيبيريا، تم العثور على أجزاء لقطع نقدية تحوي على نقوش عربية تعود للفترة ما بين القرنين 10-11، وتعود أهمية هذا الاكتشاف إلى أن المؤرخين لم تكن لديهم أي فكرة حول حقيقة أن سكان منطقة سيبيريا كانت تربطهم علاقات تجارية منذ ألف سنة مع الشرق الأوسط. ويشير الكسي غوردينكو رئيس البعثة الأثرية بهذا الشأن قائلاً:

نقوم بعمليات الحفر في قطعة أرض تحوي خنادق وروابي مصطنعة، وفي هذه الخنادق تم اكتشاف هذا الكنز الذي كان على عمق 50 سم في التربة. أما الكنز فهو عبارة عن مرجل من النحاس يصل قطره 30 سم ووزنه 2 كغ مصنوع في منطقة الفولغا أو أراضي روسيا القديمة . وقد احتوى هذا المرجل على مجوهرات من الفضة تتضمن أربعة هريفنا وهي بمثابة حلي تعلق على الرقبة والصدر، وثلاث قلائد وحزام. كل هذه تعتبر زخرفة تقليدية لشعوب أوروبا الشرقية تم استيرادها في تلك الحقبة. ولكن الشيء الأكثر إثارة للاهتمام هو وجود 4 أجزاء من دراهم عربية في المرجل، لم يتسنى لنا معرفة أين تمت عملية صكها بالضبط، لكنها يمكن القول أنها تعود للقرنين العاشر والحادي عشر ميلادي.

أصل كلمة الدرهم يوناني من كلمة الدراخما، وهي عملة رقيقة فضية قطرها 2-2.5 سم، كانت تصك في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط حيث كان وجها هذه العملة مغطى بالنقوش العربية، تتضمن أقوال حميدة واسم الحاكم، ومكان وعام صك العملة حسب التقويم الهجري.

عملات معدنية من سلالات مختلفة تعود للعصر الأموي والعباسي، والتي صكت على مدى قرون في بغداد وسمرقند في الكوفة وأصفهان، يتم العثور عليها بشكل منتظم في الجزء الأوروبي من روسيا. على سبيل المثال، تم العثور على خمسة عشر درهماً على مر السنين في موسكو وريفها، جميعها كانت موجودة تحت أعماق نهر أوكا وفي الممرات المائية القديمة.

ولكن أجزاء القطع النقدية العربية الأربعة التي وجدت في سيبيريا، المنطقة التي تبعد أكثر من ألفي كيلومتر عن موسكو، تتمتع بقيمة أثرية علمية خاصة، ويتابع الكسي غوردينكو بهذا الشأن قائلاً:

بشكل عام، تم العثور على قطع نقدية قديمة في سيبيريا الغربية حتى الآن مرة واحدة فقط، وتعود إلى وقت لاحق إلى الفترة ما بين القرنين 14-16. أما الدراهم لا وجود لها في غرب سيبيريا. في حين أن الكنز الذي تم العثور عليه، فهو على الأغلب خزائن لبعض القبائل التي قررت طمرها عندما، بحسب توقعنا، تعرضت لهجوم من قبل العدو. لهذا نقول بأن هذا الاكتشاف فريد من نوعه: لما له من قيمة علمية عن العصور الوسطى في غرب سيبيريا .

إن الحفريات في تلك المنطقة التي تم اكتشاف الكنز فيها تجري منذ نهاية القرن التاسع عشر، وخلال هذا الوقت، تم العثور على العديد من قطع الأسلحة والمجوهرات والفضيات التي جاءت إلى هذه المنطقة من آسيا الوسطى مقابل الفرو. ولكن اللقيات كانت تعود لفترات لاحقة .

لقد أثار الكنز دهشة الكسي غوردينكو الدكتور في العلوم التاريخية، وعالم الآثار الذي يتمتع بخبرة 13 عاماً، الذي أشار إلى أنه ربما يحدث ذلك مرة واحدة في العمر وأضاف قائلاً:

بعد أن يتم القيام بالتحليل العلمي لهذه اللقيات ومعالجة نتائجه سيتم إيداعها إلى المتحف الوطني. ولكن قبل ذلك ستكون هناك مادة علمية في مجلة “علم الآثار والأنثروبولوجيا في أوراسيا”.

ربما ما زالت أرض سيبيريا تختزن العديد من الأسرار، يأمل علماء الآثار الكشف عنها. أما بعثة العالم الكسي غوردينكو، فقد أخذت الآن قسطاً من الراحة تقوم خلالها بوصف وإرسال هذه اللقيات إلى المدينة، ومن ثم سوف تستمر في عمليات الحفر .

الاقسام

اعلانات