المتاحف والمعارض

فنون الحضارة البشرية تلتقي في متحف لوفر أبوظبي

260972

لم يعد متحف اللوفر، معلماً يرتبط بالعاصمة الفرنسية باريس فقط، فاليوم تواصل أبوظبي المضي في مشوارها للكشف عن أول متحف عالمي في الوطن العربي وهو “اللوفر أبوظبي” الذي يجمع تاريخ الفن الكوني، وسيرة الحضارة البشرية في متحفٍ واحد، لا ينفرد بفكرة تلاقي الحضارات التي يعمل عليها وحسب، بل يبدأ تفرده من المكان والشكل المعماري الذي سيكون عليه .

المتحف عبارة عن أرخبيل مبني في البحر، تحميه قبة يبلغ قطرها 180 متراً، مسطحة ووزنها أكثر من سبعة آلاف طن، أي ما يساوي تقريباً وزن برج إيفل، وهي ذات هندسة تغمرها مادة محبوكة مثقبة مستوحاة من سعف النخيل، تنتج ظلاً شبيهاً بالشمس الساطعة، وتلمع تحت شمس أبوظبي، وفي الليل تشع كواحة من الضوء، ليكون المتحف بذلك تبايناً بين مجموعة من المتاحف وَمْعلَماً يقرن أجواء السكينة بين الأنوار والظلال، والأصداء والسكون، وينتمي بشكله للتاريخ والجغرافيا العربية .

ربما يمكن تخيل ضخامة الفكرة والجهد المبذول ليكون “اللوفر أبوظبي” مَعْلماً سياحياً ثقافياً يؤمه الزائرون من أقطار الأرض جميعها، إذا أدركنا أن المتاحف الفرنسية مجتمعة في إطار وكالة متاحف فرنسا، اتحدت لإنشاء متحف فريد من نوعه هو “اللوفر أبوظبي”، فمؤسسات مثل متحف اللوفر الفرنسي، ومتحف أورسية والأورانجوري، والمكتبة الوطنية الفرنسية، وقصر فرساي، وغيرها، تسعى لتحقيق هذا المنجز في “أبوظبي” .

تفاصيل كثيرة ومعلومات غنية يقدمها كتاب “اللوفر أبوظبي – نشأة متحف” الصادر حديثاً بالتعاون مع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ومتحف اللوفر ودار سكيرا فلاماريون، إذ يقول الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في تقديمه للكتاب: “يبحر القراء في رحلة تبدأ من أقدم العصور وصولاً للوقت المعاصر، لرؤية النموذج الجديد والعالمي ل اللوفر أبوظبي، المتحف الذي نشأ في شبه الجزيرة العربية، وفي عالم دائم التغير وأكثر عولمة، لتسليط الضوء على القواسم المشتركة للتجربة الإنسانية متجاوزاً بذلك حدود الجغرافيا، والعرق، والتاريخ . إن هذا المتحف ما هو إلا إعادة قراءة لتاريخ الفن ولكن بأسلوب متفرد” .

ينقسم الكتاب، الذي يأتي في 320 من القطع الكبير، إلى أربعة فصول، يتقدمها مقالات تمهيدية توضح أهمية المتحف ومراحل العمل فيه، وهي “العوالم القديمة”، و”عوالم القرون الوسطى”، و”العوالم الكلاسيكية”، و”العوالم الحديثة”، مقسماً بذلك مقتنيات المعرض من لوحات وأعمال فنية إلى مراحل متتابعة زمنياً، ليعود بعد ذلك ويدخل في تفاصيل كل واحد من العوالم .

يسير الكتاب منذ الفصل الأول على نهج واضح في الكشف عن تاريخ كل مرحلة وأبرز فنانيها، والأثر الاجتماعي وتطور الحضارات، فيكشف في الفصل الأول عن “نشأة علم الجمال، ونشأة الصورة، ويتوقف عند الفن الجنائزي المصري، ونحت الوجوه، مروراً ببذخ الأمراء في الصين واليونان، وانتهاءً بالفن في الهند وتأثير اليونان في مسيرة فن النحت” .

ويتابع الكتاب على ذلك النهج، المضي في رحلة تأخذ القارئ إلى فصول من التاريخ والسياسة، والفن، والحضارة، والثقافات الشعبية، وصولاً إلى المرويات والأساطير التي تسردها المقتنيات، نصاً وصورة، فالكتاب يزخر بالصور عالية الجودة التي تعد هي مادة الكتاب الأصل إذ مقابل كل صفحة يجد القارئ عشرات الصور .

ومن فصول الكتاب لوحة “الأولاد وهم يتصارعون” للفنان الفرنسي بول غوغان، يقدمها الكتاب بشرح: “يوليو ،1888 زيت على قماش، الارتفاع:93سم، والعرض 73 سم، مؤرخة وموقعة في الأسفل وفي الوسط: “ب غوغان 88”” .

حول لوحة غوغان ما يلي: (تلقّى غوغان إعداده الفني داخل الحلقة الانطباعية، وهو أحد الفنانين الأكثر تجاوزاً، بطريقة جذرية لمكتسبات هذه الطبيعة الفنية الأولى . وإذ اهتم بإعطاء معنى وشكلاً للإحساس البصري البسيط، فإنه لم يتوقف عن البحث في الأمكنة الخارجية، القريبة أو البعيدة، ولكن المستنبط للغاية دائماً . . . وجرت الإشارة إلى اللوحة للمرة الأولى في رسالة مؤرخة في 8 يوليو ،1988 موجهة على أميل شوفينيكر “انتهيت للتو من إنجاز بعض لوحات لأشخاص، ستفرح بها . وهي ليست من طراز عمل دوغا . آخر لوحة هي عبارة عن مصارعة بين ولدين قرب نهر – وهي أشبه بلوحة يابانية ينفذها إنسان متوحش من البيرو – إذ هي ضعيفة الإنجاز، فيها عشب أخضر فيما القسم الأعلى أبيض”) .

admin

الرؤية: توفير محتوى عربي مميز
الرسالة: ايصال المعلومة بشكل شيق ومفيد

Add Comment

انقر هنا لإضافة تعليق

الاقسام

اعلانات