شارع “المعز لدين الله الفاطمي” من أشهر شوارع القاهرة، يحتوي على العديد من كنوز التراث الإسلامي، ويعد من أقدم شوارع مصر، فعمره يزيد على ألف عام، كما يضم 33 أثرًا من مساجد ومدارس وأسبلة وبابين هما “الفتوح وزويلة”، والكثير من الآثار.
ومن الطبيعي أن يتوافد الكثير من السياح على زيارة هذا الشارع لرؤية آثاره والاستمتاع بها، ولكننا وجدنا العكس أثناء زيارتنا للشارع؛ فهناك الكثير من الباعة الجائلين، والقمامة الملقاة في الشارع، والقليل من السياح.
ومثل كل شىء ينهار ويتدهور في مصر، امتدت حالة الفوضى إلى المواقع الأثرية التي تعد أحد أهم الكنوز التي تمتلكها، فامتدت يد الإهمال إليه، وأهدرت كل الأموال التي صرفت في سبيل ذلك، وتحول شارع المعز إلى جراج مفتوح للسيارات، ورغم أنه كان شارعاً للمشاة محظوراً سير المركبات فيه، وحتى الآثار التي رممت أصبح حالها يرثى له، والإشغالات في كل مكان، بعد أن فشلت الحكومة في رفعها، بل إنها زادت بعد الثورة.
ومن هنا قال “محمد كمال” بائع عرقسوس بالشارع، اختلف المكان كثيرًا فلم يكن ينتشر فيه الباعة الجائلين بهذه الجرأة والتمادي، حيث كانوا يتواجدون أحيانًا ولكن كانت الحكومة تأتي من وقت لآخر للتفتيش فيقل تواجدهم ولم يكن بهذا الاتساع، أما الآن فأصبح كل من يريد فعل وبيع شيء فالشارع يفعل ذلك دون حساب.
وتابع أن بحكم تواجده في المكان، أبًا عن جد، يُلاحظ أن تردد السياح على المكان قلّ كثيرًا، وذلك لما يجدوه من أشياء تجعلهم ينفرون من المجيء مرة أخرى، مثل مضايقة البعض لهم سواء “عيال تشحت منهم” – على حد قوله – أو آخرون يدعون أنهم مترجمين وبعض البائعين الذين يغالون عليهم أضعافا في السلع، مشيرًا إلى إن الثورة والأحداث في مصر أثرت بشكل عام على السياحة وشارع المعز يعد من أبرز الأماكن السياحية في القاهرة.
والتقينا بـ”مي محمود” موظفة بوزارة الآثار وتعمل بمسجد “السلطان قلاوون” وتحدثت إلينا عن حال الشارع الذي اختلف كثيرًا سواء عما كان عليه قديمًا أو حتى ما قبل الثورة، مشيرة أيضًا إلى أن الوضع ساء بالشارع؛ فانعدم النظام وانتشر بائعي الفاكهة والخضروات وأصحاب “نصبات الشاي” وغيرهم.
وأضافت أن السياح أيضًا اختلف ترددهم عن زمان، مُرجعة السبب في ذلك لأحوال البلد عمومًا وانخفاض حركة السياحة الكلية، كما أشارت إلى أن السياح يحدثون بعضهم ويتردد بينهم الحكايات عما يجدوه في المكان من أشياء تنفرهم وبالتالي يقل الإقبال.
فيما قال “يسري عطا الله” صاحب محل عطارة بشارع المعز، أن حالة الهدوء القاتل التي تسود الشارع، أصابت البائعين والعمال بالإحباط، حيث يلجئون إلى التخلص من بضاعتهم حتى لو بالخسارة؛ لأن مصدر الربح الوحيد هو البيع للأجانب، أما المصريين فلا يكسب التاجر منهم شيئا، قائلا”هنغلي عليهم ليه والحال من بعضه”.
ويحكي “عطا الله” أن محل العطارة الذي يملكه هو إرث أبائه وأجداده، وكان سعيدا جدا بأنه فاز به؛ لأنه كان يعتبر كنزا لا ينتهي، فكان يعمل عند صاحب المحل يكون ثروة هائلة فما بال صاحب المال ، أما قبل ثورة 25 يناير بحوالي عدة أشهر، بدأ التوافد على المكان يتغير عن الفترات الماضية، حتى انعدم تمام خلال الثورة وبعدها بعدة أشهر، ثم عاد الإقبال ولكن بشكل بسيط، إلى أن انعدم خلال العام الماضي واستمر لهذه الأيام، ولذك اضطرت المحلات والورش الكبرى إلى تسريح العاملين، لتوفير رواتبهم الغير قادرين على تدبيرها ودفعها لهم.
Add Comment