الاثار العالمية

ترف البلاط المغولي وسقوط القسطنطينية في مزاد «سوذبيز»

20

عندما يُعلن عن إقامة مزادات فنون العالم الإسلامي، نعرف أننا أمام فرصة لمعاينة أجمل ما قدمه فنانو وخطاطو العالم الإسلامي. القطع التي تُعرض للجمهور لأيام قليلة قبل أن تتخطفها أيدي المقتنين والمؤسسات الفنية تحمل كل منها قصة حول صانعها وحول العصر الذي تمثله وأيضا تفتح أمامنا صفحات من كتاب التاريخ لننغمس فيها لدقائق أو لساعات نستكشف من خلالها جماليات عصور مضت.

وقبل أن تبدأ المعارض العامة ويتاح لجمهور المهتمين معاينة القطع على الطبيعة، كان لـ«الشرق الأوسط» جولة خاصة للاطلاع على مقتنيات مزادين مقبلين في داري «كريستيز» و«سوذبيز»، يُقامان في لندن في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

الجولة تبدأ من دار «سوذبيز» حيث نلتقي بينديكت كارتر رئيس مبيعات المزادات في قسم الشرق الأوسط، نرى أمامنا بعض القطع التي سيتضمنها مزادا «فنون العالم الإسلامي» و«فنون الإمبراطورية الهندية» اللذان سيقامان في يوم 9 أكتوبر المقبل. يبدأ معنا كارتر، بعرض بعض المقتنيات التي أرسلتها الدار إلى الدوحة، الأسبوع الماضي، ضمن معرض خاص أقيم هناك للتنويه عن المزادين المقبلين.

من معروضات مزاد الفن الهندي، يشير كارتر إلى صينية ذهبية مرصعة بالماس مع علبة مجوهرات تعود إلى القرن الثامن عشر، وتتراوح قيمتها التقديرية ما بين 200 ألف إلى 300 ألف جنيه إسترليني. الصينية، كما يشير كارتر، لم تظهر في السوق الفنية، منذ بيعها في مزاد عام 1987، وتعكس الحياة المترفة للبلاط المغولي. وهذه القطع لم يقتصر استخدامها على وضع المجوهرات وحسب، بل كانت تستخدم أيضا لأغراض دبلوماسية، لتظهر انطباعا قويا بمدى قوة الإمبراطورية المغولية. وقد حرص صانع العلبة والصينية على إبراز لمسات فنية متفردة، تبهر عين المشاهد.

وإلى جانب الصينية، التي تُعتبر نجمة المزاد الهندي، توجد هناك مجموعة من اللوحات الفنية ومنسوجات وأسلحة. هناك أيضا بروش ذهبي مرصع بالماس يعود إلى عام 1850، ويحمل نقوشات باللون الزهري في الخلف.. «هذه القطعة كانت تُثبّت على العمامة. المرجح أن تكون صُنعت للسلطان أو أحد مرافقيه أو فرد من عائلته، إذ كان ارتداء حلية على العمامة مقصورا على البلاط الإمبراطوري». وفيما يمكن رؤيته كإضافة تاريخية للقطعة، نلاحظ أنها موضوعة داخل صندوق مثبت به قصاصة من صحيفة «غازيت أوف إنديا»، بتاريخ 6 أغسطس (آب) 1887.

قطعة أخرى تبرز في المجموعة، وهي بروش تعود ملكيته إلى دوقة ويندسور، وتم بيعه مسبقا في مزاد أقيم في عام 1987 بجنيف.

تشمل المعروضات أيضا مجموعة من الأسلحة التي تعود للسلطان تيبو من ميسور، الهند، القرن الثامن عشر، الذي خاض مع والده حيدر علي حروبا ضد شركة الهند الشرقية البريطانية. وقد هزم السلطان تيبو خلال حربه الرابعة في ميسور، وقُتل خلال حصاره في قلعته بسرنكابتم من قبل البريطانيين في مايو (أيار) 1799، عندما جرى الاستيلاء على سيف أهداه العثمانيون للسلطان غنيمة، ونقش عليه: «هذا السيف أخذ من السلطان تيبو في عام 1799». بعد حصار القلعة، استولى الجنود على الأسلحة الموجودة هناك، وعادت تلك الأسلحة إلى بريطانيا لتظهر بعد ذلك في الأسواق.

بالنسبة لمزاد الفن الإسلامي، يشير كارتر إلى أن المزاد يضم 177 قطعة فقط، وهو ما يعني أن المزاد أصغر حجما من المعتاد، ويعلق: «أعتقد أن ذلك يعكس اتجاه السوق الآن، فيجب علينا الاستماع إلى متطلبات السوق بتنظيم مزاد محدود».

من أجمل القطع المعروضة هنا لوحة نادرة تمثل سقوط القسطنطينية، وهي لوحة إيطالية مرسومة بالألوان الزيتية، جرى رسمها في أواخر القرن الخامس عشر، وبداية القرن السادس عشر، وتتراوح قيمتها ما بين 180 ألفا و220 ألف جنيه إسترليني. تعتبر هذه اللوحة أقدم تصوير للحظة سقوط القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح واعتمدت في تصوير تفاصيل المدينة على خرائط جغرافية، من بين التفاصيل الدقيقة يمكننا تمييز أعمدة الدخان المتصاعدة من الأبنية، وأيضا الأعلام على السفن. «لا توجد صور أخرى تصور هذه اللحظة المهمة في التاريخ الإسلامي»، ويضيف قائلا: «لا أتوقع أن نراها ثانية في السوق».

ومن الأعمال النادرة في المزاد لوحة «حوار بين أربعة تلاميذ».. تحمل توقيع محمد مراد السمرقندي، بلاد فارس من العصر الصفوي، بخارى، أوائل القرن السابع عشر (القيمة التقديرية تتراوح ما بين 400 ألف إلى 600 ألف جنيه إسترليني).

وتعد هذه اللوحة من الأعمال القليلة المنسوبة إلى الفنان المبدع محمد مراد السمرقندي، الذي كان شاهدا على عظمة وقوة الأسلوب الفني في سمرقند. وتمتاز رسومه بالإسهاب في التخيل، واستخدام ألوان غريبة. ويمكن للمشاهد رؤية أوراق الشجر الكثيفة والحيوانات والتلاميذ وهم يتحاورون في مشهد يبدو أقرب إلى الحقيقة. وهذه اللوحة بقيت ملكا لأشخاص منذ أن باعتها «سوذبيز» في عام 1977.

يفتتح المزاد ببيع قطع من المجموعة الخاصة لرئيس شركة «هيرميس» الفرنسية زافيير جيراند هيرميس، وسيتم التبرع بالعوائد لصالح مؤسسة «هيرميس» للسلام العالمي، وسيتم بيع باقي المجموعة في مزاد يُقام في باريس يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. مجموعة «هيرميس» تضم خليطا ما بين الفخاريات والقطع المعدنية.

* المزاد يقام يوم الأربعاء 9 أكتوبر بمقر «سوذبيز» بشارع نيو بوند ستريت بلندن.

الاقسام

اعلانات