الاثار العربية

المشروع القطري السوداني يكتشف آثار النوبة

27

يُعد المشروع القطري السوداني لتنمية آثار النوبة لتأهيل المواقع الأثرية لحضارة النوبة بكل من ولايتي نهر النيل والشمالية، نقلة مهمة في تطوير وتأهيل المواقع الأثرية السياحية في السودان .

الراية الأسبوعية رصدت أهم استعدادات وأهداف ومراحل المشروع الذي ينطلق الشهر المقبل ويشمل أعمال البحث والاستكشاف والترميم في كل أنحاء الولايتين .

وقد قام مؤخرًا وفد يضم كلاً من سعادة السيد راشد عبد الرحمن النعيمي سفيرنا بالخرطوم ، والسيد عبد الله النجار مدير عام هيئة متاحف قطر الرئيس التنفيذي للمشروع القطري السوداني لتنمية آثار النوبة بولايتي الشمالية ونهر النيل، ورصدت الراية الأسبوعية مع د. صلاح الدين محمد المنسّق العام للمشروع القطري السوداني أهم مراحل المشروع وما تقدّمه قطر من دعم لدعم بعثة الاستكشاف الأثري .

يؤكد د. د. صلاح الدين محمد أن الزيارة استهدفت موقعي المعسكرات التي سيقوم ببنائها المشروع في كل من جبل البركل والبجراوية أو مروى القديمة (واحدة من عدة مشروعات يقوم بتنفذها المشروع القطري)، لافتًا إلى أن المشروع يدعم 28 بعثة للاستكشاف الأثري ، ويمول إعادة تأهيل متحف السودان القومي، وبناء متحف جديد في النقعة، واستشكاف وترميم وصيانة الأهرامات وكذلك بناء المعسكرين لخدمة الباحثين في مجال الآثار والمرمّمين والمختصّين، وسيبنى بمميزات محدّدة لتكون إرثًا للسودان بعد نهاية المشروع .

وقال: توجد 3 مشروعات في “جبل البركل” تشمل البحث والصيانة في المعابد عامة، ومشروعًا لنظافة وترميم معبد الإله “موت” والمشروع الثالث هو بناء المعسكر في جبل البركل بجانب ترميم في موقع “الكرو” والقيام بعملية مسح أثري من منطقة الدبة حتى سد مروى بالتركيز على عمل حماية لموقع أهرامات نورى ومشروع للتنقيب في موقع الزومة وبها مقابر (ما بعد فترة مروى القرنيين الرابع والخامس الميلادي) وتوجد حوالي 6 مشروعات في منطقة نبته، وفي ولاية نهر النيل توجد (عشرة مشروعات ممولة من المشروع القطري في الولاية، لدينا العديد من المشروعات، مشروعان في منطقة “أبو حمد” وجزيرة “مقرات”، وموقع “الضانقيل” يقع شمال بربر ويوجد به معبد وهناك بعثتان تعملان في مروى القديمة وبعثة ألمانية تعمل في موقع “الحماداب” بالقرب من مروى، وموقع “الحصا” به بعثة فرنسية ممولة من المشروع وكذلك “المصورات الصفراء” وبناء متحف جديد في موقع النقعة، إضافة إلى ترميم أهرامات البجراوية .

وأكد أن المشروع تجربة جديدة في العالم وسيمثل نقلة مهمة في تطوير وتأهيل المواقع الأثرية السياحية. وسيُسهم في توفير بنية تحتية لحركة السياحة في السودان، ويحافظ على الإرث الحضاري والأثاري للسودان. وقال: لا يوجد في التاريخ الحديث أن تقوم دولة بمساعدة للأثاريين بهذا الحجم حيث تدعم قطر حماية الآثار في السودان، وسيتم المشروع بتعاون وكادر قطري – سوداني يعمل بتجانس بين الخرطوم والدوحة حسب الخطة الموضوعة لها ومدتها 5 سنوات، وسيتم في كل عام إنجاز مرحلة من تلك المراحل .

وعن منطقة “جبل البركل” يقول: إنها كانت تسمّى “نبتة” وهي مملكة قديمة ومنطقة تاريخية بدأت في القرن الثامن قبل الميلاد، وقامت في وقت اضمحلّت فيه الإمبراطورية المصرية وتفتّت إلى عدة دويلات صغيرة، ولذلك قويت شوكة الملوك السودانيين وأسسوا دويلة تحكم من منطقة جبل البركل (الصافي أو المقدس) ويتعقد أن الإله آمون (الذي وحّد المملكة المصرية) موجود في بطن هذا الجبل، وهناك نقش داخل أحد المعابد المحفورة داخل الجبل وهو معبد للإله آموت وهي زوجة الإله آمون، وفي هذا الرسم هناك شكل لجبل البركل مرسوم مقطع لجبل البركل ومعه الإبرة التي ترى في مقدمة الجبل يعتقد أنها تمثال لثعبان الكوبرا عليه قرص الشمس، ومن هذا الرسم عرفنا أن شكل هذه الإبرة وداخل الرسم يوجد الإله آمون جالس وأمامه الملك تهراقا أحد ملوك نبتة الذين حكموا السودان في بداية القرن السابع قبل الميلاد قبل (2790) واقف أمام الجبل ويتعبّد الإله (سيد الأرضين وسيد مصر والسودان).

وقال: على بعد حوالي 15 كلم من جبل البركل (بالولاية الشمالية ) موقع الكرو وهو عبارة عن مواقع للملوك الذين حكموا مصر والسودان وما هو ما يعرف بالأسرة الـ25 وهم سلسلة من الملوك بدأوا بـ (الاراه وبعانجى وتهراقا، ودفنوا في مقابر محفورة في الصخر تحت الأرض ويتم الدخول إليها بسلالم تصل إلى 36 درجًا، وعادة الملك في حياته يحفر السلم ومقبرته غرفة أو غرفتين أو ثلاثة ويزيّنها بالرسومات الدينية والمناظر والنصوص من كتاب الموتى المصري والكتابات الهيروغليفية، بعد وفاة الملك يقوم ولي العهد، في العادة يكون ابن الأخت أو الابن، بقفل باب الغرف الجنائزية ودفن السلّم وتكون المقبرة غير مرئية للناس خوفًا من سرقتها، وبعد ذلك وليّ العهد يشّيد على المقبرة هرمًا او مسطبة أمامها غرفة جنائزية للتعبّد أو تقديم القرابين.

ويضيف: اكتشفت المنطقة بداية القرن الماضي (1916-1917)، وقام بحفرها عالم آثار أمريكية، وجد بها الكثير من الكنوز الأثرية ، والكثير من هذه الكنوز موجود في متحف بوسطن في أمريكا والقليل منه في متحف السودان وفي شتى متاحف العالم .

وأشار إلى أن آخر ملك دفن في هذه المقابر هو الملك “تانوت آمون” ويُعد آخر ملك حكم مصر، وهزم من قبل الأشوريون، وعاد إلى السودان ودفن في مقبرته، وتوجد أيضًا مقبرة والدته الملكة “كلهاته” وهي مقبرة مزيّنة.

وتوقع وجود مقابر أخرى في منطقة “الكرو” بعد أعمال الفحص العلمي والجيوفيزيائي حيث يمكن أن يتم العثور على العديد من المقابر في هذا الموقع تكون محفوظة بشكل جيد، وقد سبق ذلك بحوث جيولوجية تم خلالها اكتشاف معبد كامل تحت الأرض .

وقال: عبر النيل من جبل البركل يوجد موقع “نورى” ودفن فيه كل الملوك النبتيين الذين حكموا مملكة نبته من فترة الملك “تهراقا” وهو أول من دفن في نورى في العام 664 قبل الميلاد حتى العام 310 قبل الميلاد حوالي 300 سنة، كان الملوك النبتيين يقومون بدفن موتاهم في مقبرة نورى، ومن أكبر الأهرامات الموجودة في السودان هي مقبرة الملك تهراقا الموجودة في نورى بجانب 4 مقابر محفورة تحت الأرض ويقوم فوقها البناء الهرمي، بعد ذلك في تاريخ غير متأكدين منه تحوّلت المملكة ولأسباب غير معروفة، لكن الكثير من العلماء رجّحوا في نهاية القرن الرابع الميلادي آخر ملك دفن في نورى هو الملك “نستاسن” بعده تحول الدفن إلى مقابر مروى القديمة (البجراوية) وقامت فيها المملكة المروية، وهم أحفاد جبل البركل وتحوّلوا إلى وسط السودان وعمّروا مناطق البطانة، وقامت في هذه المنطقة ما عُرف بالحضارة المروية، وهي سلسلة ملوكية، تبدأ من حوالي 750 قبل الميلاد إلى 350 ميلاديا، وحكمت أكثر من ألف سنة هذه الأسرة السودان والجزء الثاني من المملكة المروية .

وقال: يُشار إلى أن جبل البركل، (بالإنجليزية:Gebel Barkal) جبل صغير جداً بارتفاع 98 مترًا، يقع على بعد 400 كيلو متر شمال العاصمة السودانية في إقليم النوبة جوار مدينة كريمة عند الانحناء النيلي الكبير، ويتميز بقمّته المسطحة. وكان من المعالم الأساسية في الطرق التجارية بين وسط أفريقيا والجزيرة العربية ومصر حيث إن مكانه هو المكان الأفضل لعبور النيل إلى كلتا الضفتين، وكذلك لكونه يشكّل جزءًا أساسياً من حضارة نبتة الدولة المدينة التي نشأت على سفوحه، وقد تم إعلان الموقعين “نبتة” و”جبل البركل” كأحد مواقع التراث العالمي الإنساني التابعة لليونسكو في عام 2003 م هو من المواقع التاريخية المحورية التي شهدت جزءاً طويلاً من الحضارات النوبية أو الكوشية القديمة التي امتدت لأكثر من 5000 آلاف عام، ولكن أبرز الأحداث التاريخية يبقى غزو الفرعون تحتمس الثالث للمنطقة في العام 1450 ق.م وإنشائه حامية عسكرية جوار نبتة ومعتبراً بذلك أن تلك النقطة هي حدوده الجنوبية.

وأضاف: بعد 300 عام تحوّلت نبتة إلى عاصمة المملكة الكوشية، وقام ملوك الأسرة الـ25 بتشييد معبد آمون النبتي في المدينة والذي يعتبر من المعابد الضخمة والتي تعتبر مقدّسة لدى السكان المحليين حتى اليوم، كما قام بعانخي بنصب مسلّته الشهيرة التي أسماها 20 عاماً من الانتصارات .

وفي العام 1820م اكتشف المنقبّون الأوربيون 3 قصور وحوالي 13 معبداً على الأقل حول الجبل، كما اكتشف ضابط مصري عام 1862م 5 نقوش تعود للفترة الانتقالية الثالثة وقام بإيداعها في متحف القاهرة، وتوالت البعثات بعد ذلك مثل البعثة المشتركة بين جامعة هارفارد ومتحف الفنون الجميلة في بوسطن بقيادة العالم المعروف جورج اندرو ريزنر، وبعثة جامعة روما سابينزا التي عملت في الجبل طوال سبعينيات القرن الماضي بإشراف العالم سيرجيو دونادوني والتحق بهم في الثمانينيات فريق آخر من جامعة بوسطن بإشراف العالم تيموثي كندال.

الاقسام

اعلانات