شهدت إحدى المدارس الحكومية في البصرة، السبت، إقامة معرض شخصي لمعلم يعد من أبرز هواة تحنيط الحيوانات في المحافظة، وضم المعرض مئات الحيوانات المحنطة، فيما استحوذت أفعى سيد دخيل ونوع من الضباع على إهتمام الضيوف.
وقال منظم المعرض هشام خير الله، في حديث لـ”السومرية نيوز”، إن “المعرض يضم ما لا يقل عن 500 نوع من الحيوانات التي جمعتها على نفقتي وحنطتها بنفسي، ومعظمها من البيئة العراقية، وبعضها الآخر دخيلة على البيئة المحلية، مثل الكنغر والنعام وأنواع من الطيور الأميركية والقوارض الأوروبية”.
وأضاف “نظمت المعرض بجهود شخصية، واقتصر دعم مديرية التربية التي أنتسب إليها بصفة معلم على تخصيص عدد من قاعات مدرسة حمرين في قضاء أبي الخصيب لغرض تنظيم المعرض الذي يعد الثاني من نوعه منذ عام 2003”.
وبين خير الله الذي يمارس هواية تحنيط الحيوانات منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي أن “الهدف من المعرض هو تسليط الضوء على التنوع الإحيائي في العراق”، مضيفاً “كما أن المعرض يشجع على حماية البيئة ومكافحة الصيد الجائر والحفاظ على الأنواع المهددة بالإنقراض، ومنها القضاعة ذات الفراء الناعم”.
ولفت إلى أن “أكثر ما شد إهتمام الزوار هو الضبع الآسيوي المخطط الذي انحسر وجوده في البصرة في العقود الثلاثة الماضية، ثم عاد للظهور خلال العامين الماضي والحالي بأعداد كبيرة في مناطق ضمن أقضية الفاو والقرنة والزبير”.
وتابع بالقول “كما أن الأفعى ذات الحراشف الخشنة، المعروفة باسم أفعى سيد دخيل، لفتت أنظار الزوار رغم صغر حجمها نسبياً، وذلك بسبب تسجيل ظهور لها منتصف العام الحالي في منطقة الصالحية بقضاء شط العرب”.
وأكد خير الله أن “إقامة المعارض هو أمر مهم لإعادة إحياء هواية تحنيط الحيوانات في البصرة، لكن الأهم هو إعادة إفتتاح متحف التاريخ الطبيعي الذي نهب ودمر في عام 2003، أو على الأقل إقامة معرض دائم للحيوانات المحنطة”.
من جانبه، قال مدير قسم التربية في قضاء أبي الخصيب قاسم عبد الحسين، في حديث لـ”السومرية نيوز”، إن “المعرض هو فريد من نوعه على مستوى المحافظة، لاسيما أنه نظم بجهود فردية، وما يجعله معرضاً ناجحاً كثرة الحيوانات التي يتضمنها، وإتقان عمليات تحنيطها”.
وعد المعرض “خطوة باتجاه استعادة فن التحنيط الذي لم يعد موجوداً في المدارس رغم منافعه العلمية”.
وتتميز محافظة البصرة بتنوعها الجغرافي والبيئي، حيث توجد مناطق الأهوار في أطرافها الشمالية، فيما تضم الأجزاء الغربية منها مناطق صحراوية تعد امتداداً للبادية الجنوبية، كما أنها تطل على شمال الخليج العربي من أقصى جنوبها، وقد أوجد التنوع البيئي والجغرافي حالة من التنوع الإحيائي الفريد من نوعه على مستوى المنطقة.
ويعيش في البصرة الكثير من أنواع الزواحف بما فيها أفاع برية ومائية، ومن الحيوانات الثدية بنات آوى والغريري والخنازير والضباع والقطط البرية والذئاب العربية، أما البيئة البحرية فهي زاخرة بالتنوع الإحيائي، حيث تعيش في المياه الإقليمية العراقية التي هي جزء من الخليج أنواع كثيرة من الأسماك والرخويات والحيوانات الثدية المائية، وبعض أنواع الدلافين، كما رصد مركز علوم أبحاث البحار في عام 2010 حوتين صغيرين في المياه العراقية، وبالنسبة إلى أسماك القرش فهي شائعة منذ القدم، وتتسلل صغارها خلال فصل الصيف إلى شط العرب، وفي حالات نادرة تصل عبر شط البصرة إلى مناطق الأهوار، والأخيرة تقصدها مع بداية كل فصل شتاء نتيجة لاعتدال مناخها أعداد هائلة من الطيور التي تتكاثر فيها وتغادرها قبيل فصل الصيف إلى بلدان أخرى ضمن هجرات عابرة للقارات.
وفضلاً عن الحيوانات الشائعة تستوطن المحافظة حيوانات نادرة بعضها مهددة عالمياً بالإنقراض، ومنها القضاعة ذات الفراء الناعم التي تعرف محلياً بـ”جليب الماي”، وهي من صنف الثدييات البرمائية التي تنتمي إلى فصيلة العرسيات، وقد أدرجها الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة ومواردها (IUCN) ضمن اللائحة الحمراء للحيوانات المهددة بالانقراض، وتعد أهوار العراق الموطن الأصلي لهذا النوع من القضاعات، وقد ساهم باكتشافه علمياً الرحالة وعالم البيئة كافن ماكسويل (1914-1969) عندما قام بشراء قضاعة من أحد أبناء الأهوار ونقلها معه إلى بريطانيا منتصف خمسينيات القرن الماضي، ليكتشف العلماء أن الحيوان الذي بحوزة ماكسويل غير مصنف علمياً، وقد علق ضمن كتابه (قصبة في مهب الريح) على ذلك بقوله إن “الحيوان الوحيد الذي جلبته معي من الأهوار تبين أنه جديد على العلم”.
وتمكن محنط الحيوانات هشام خير الله قبل أشهر قليلة من اقتناء قضاعة نافقة من هذا النوع، وكانت ضمن الحيوانات التي ضمها معرضه الشخصي الذي ارتاده خلال افتتاحه العديد من المسؤولين والسياسيين، بمن فيهم رئيس مجلس محافظة البصرة خلف عبد الصمد خلف.
Add Comment