المتاحف والمعارض

متحف الأمير يوسف كمال.. تحفة معمارية على ضفاف النيل في انتظار ’’لجنة‘‘

45

مكان يطل على الضفة الغربية لنهر النيل، بناه صاحبه ليكون مشتى له يقضي فيه 30 يومًا من كل عام، ليباشر خلالهم أملاكه وأرضه التي تبلغ 18 ألف فدان تقريبًا، وبعد قرابة القرن، تقرر له أن يكون متحفًا، لكن تأجلت زيارة اللجنة التي ستعلنه كمتحف، منذ عامين بسبب الأحداث الأمنية والسياسية، لتحكم الثورة على هذه التحفة المعمارية بالإنتظار.

مجموعة الأمير يوسف كمال، وهو سليل الأسرة العلوية، وكان من أغنى أغنياء مصر عام 1934، أحد التحف المعمارية التي تعود إلى الأسرة العلوية، التي حكمت مصر فى الفترة من 1805 حتى 1952، بُني في أوائل القرن العشرين، على مساحة ثماني أفدنة، وأشرف على إنشائه المهندس أنطونيو لاشياك، أبرز المهندسين المعماريين الذين قدموا إلى مصر بداية القرن العشرين، وقد شيد الأمير عددًا من القصور المشابهة مثل القصر الذي بناه في حي المطرية بالقاهرة، وقصره في قرية ’’المريس‘‘ بمركز أرمنت محافظة الأقصر، والطراز المعماري للقصر مختلط ما بين العصور الاسلامية والطراز الأوروبي.

هذه المجموعة المعمارية تعرضت للبطش الإداري أكثر من مرة، حتى كادت أن تفقد قيمتها التاريخية، هذا البطش قسم المجموعة إلى ثلاث قطع يتخللها مباني إدارية وأندية ترفيهية، بل أنه قضى على السور الأثاثي الذي بناه الأمير يوسف، والسور الموجود حاليًا مبني حديثًا بالطوب الأحمر.

بدأ الأمير يوسف البناء بالسلاملك ليستقبل فيه الزائرين ويباشر فيه أعماله، وهو مكون من ثلاث قاعات ’’الجنوبية، الشمالية، والشرقية‘‘، يعلوها قبتان، وبه حمامًا، إحداهما دائرية والأخرى مضلعة وبها فتحة للتهوية والإضاءة، وقد زُينت القاعات بعدد من المشغولات اليدوية، وبها عدد من المحاريب، تم تجميعها من عدد من المساجد فى أنحاء مصر، إلى جانب سترة كنائسية، وبالخارج، إلى جانب السلاملك، توجد فسقية بها نافورة، وعلى بُعد خطوات توجد قاعة الطعام، وهى قاعة كبيرة لها مدخل رئيسي مخصص لدخول الأمير وضيوفه، ومدخل آخر صغير لدخول السفرجية، ملحق بها غرفة صغيرة لها مدخل خارج القاعة مخصصة للطباخ، تطل على القاعة من خلال شباك صغير يقوم السفرجى بتناول الطعام من الطباخ من خلاله، وفي خلف قاعة الطعام، يوجد المطبخ، ملحق به غرفة خزين، وأمامه بيت الخولي، الذي تحول اليوم إلى مكتب الإصلاح الزراعي.

داخل هذه المجموعة، تجد الحديقة الغناءة وبها أشجار سلطانية، وهي التي كان يجلبها السلطان من رحلاته الخارجية إلى مصر، بجانب مجموعة من الزهور والنباتات الأوربية.

على بُعد أمتار قليلة، تجد بيت ’’اللبيس‘‘، وهو مكون من طابقين بكل طابق ثلاث غرف صغيرة الحجم، خلف هذا البيت تجد مأذنة وضريح الشيخ عمران، وفي الناحية الشرقية يوجد قصر الحرملك ’’بيت الوالدة باشا‘‘، وهو قصر المعيشة للأمير يوسف كمال ووالدته، وهو مكون من طابقين كل طابق به 4 غرف وحمام وصالة شاسعة، والمبنى به بدروم وقاعة طعام وممر طويل، وبه مصعد خشبي لوالدة الأمير، التي كانت تعاني من مرض القلب، هذا المبنى مغلق حاليًا ولا يسمح لأحد بدخوه أو تصويره، حيث به عهدة أثرية، عبارة عن أدوات الأمير ومقتنياته التي جمعها من جولاته خارج مصر، إلى جانب السفرة الخاصه به وأدوات الطعام.

والأمير يوسف كمال، هو ابن الأمير أحمد كمال بن الأمير أحمد رفعت بن إبراهيم علي باشا الكبير بن محمد علي، سليل الأسرة العلوية، ولد عام 1882، نزل إلى الصعيد عقب توزيع الأرض على الأسرة المالكة، التي كانت تتكون من 12 فردًا، وجاء من نصيب الأمير يوسف مصر العليا.

ويُعرف عن الأمير تنازله عن حكم مصر، وأنه كان شديد الولع باصطياد الوحوش المفترسة، وغامر في سبيل ذلك إلى إفريقيا الجنوبية وبعض بلاد الهند وغيرها، واحتفظ بالكثير من جلود فرائسه وبعض رؤوسها المحنطة، وكان يقتنيها بقصوره العديدة بالقاهرة والإسكندرية ونجع حمادي مع تماثيل من المرمر ومجموعة من اللوحات النادرة.

كان مغرمًا بأحداث التاريخ وجغرافية البلاد، ومن هنا أنفق على ترجمة بعض الكتب الفرنسية التي اختارها فنُقلت إلى العربية، وطُبعت على حسابه منها ’’وثائق تاريخية وجغرافية وتجارية عن إفريقيا الشرقية‘‘، من تأليف مسيو جيان، و’’المجموعة الكمالية في جغرافية مصر والقارة‘‘، وكتاب ’’بالسفينة حول القارة الأفريية‘‘، و’’رحلة سياحة في بلاد الهند والتبت الغربية وكشمير1915‘‘.

يوسف كمال كان من أغنى أغنياء مصر، ففى عام 1937، قدر إيراده بمائة ألف جنيه، وفى عام 1934م قُدرت ثروته بحوالي 10 ملايين جنيهًا، وكان في هذا العام أغنى شخصية في مصر، بينما في عام 1948م كان يمتلك حوالي 18 ألف فدان، تدر دخلاً يقدر بـ340 ألف جنيه في العام.

قدم الأمير يوسف كمال الكثير والكثير من أجل الفن والثقافة خاصةً مجموعة المقتنيات التي ساهم بها للمتحف الإسلامي، وهى عبارة عن آثار وقفية من الثُريات ومنابر المساجد والسيوف والمشغولات الذهبية والمصاحف والدروع، قدمها تباعًا من أوائل القرن الماضى وحتى عام 1927، وقد حرص على تسجيل كل قطعة مع وصف تفصيلى لكل منها، وذكر منشأها وتاريخ صنعها.

وأهدى مجموعة من الطيور المحنطة ورءوس الحيوانات المفترسة من صيده إلى متحف فؤاد الأول الزراعي، وبعضها ضُم إلى متحف محمد علي بالمنيل، وأهدى أيضًا آلاف الكتب المصورة عن الطيور والحيوانات إلى دار الكتب المصرية وجامعة فؤاد الأول، جامعة القاهرة الآن، وتضمها حاليًا المكتبة المركزية بالجامعة.

ومما يذكر للأمير يوسف كمال أنه فى عام ١٩١٤م عُرضت عليه رئاسة الجامعة، لكنه اعتذر واكتفى بأن يكون عضوًا فى مجلس إدارتها، وحينما اضطر حسين رشدى باشا للتخلي عن الجامعة اُختير هو رئيسًا لها، وفى فترة رئاسته، كان يرسل النوابغ من طلابها للدراسة في الخارج على نفقته الخاصة.

تسلمت وزارة الآثار القصر بعد جهتين، هم الأموال المستردة، وسلاح الدفاع الجوي بالقوات المسلحة، وهي تقوم الآن ببعض الترميمات بالمجموعة، لإفتتاحه كمتحف، بعد موافقة الجهات المعنية، والتي شكلت لجنة لتقييمه، لكن تأجلت زيارة اللجنة للقصر منذ عامين بسبب الأوضاع الأمنية.

 

الاقسام

اعلانات