كشفت مصادر موثوقة ومطلعة لـ”الشروق اليومي”، عن تورّط جامعة 8 ماي 1945 بڤالمة، في منح ترخيص بإخراج عينات ترابية أثرية نحو دولة أوروبية، نجمت عن عملية حفر قام بها باحث جامعي مختص في علم الآثار خارج القانون 94/4 المتعلق بحماية التراث والممتلكات الثقافية، وذلك في موقع “قاستل” الأثري الذي تؤرخ طبقات التربة فيه إلى حقب ما قبل التاريخ وفجره، وتحديدا في منطقة “عين الزرقاء”، غير أن القضية لم تتوقف عند هذا الحد، إذ نجم عن عملية الحفر هذه 54 عينة، قالت المصادر “أنه تم إخراجها إلى بلجيكا بطريقة غير شرعية”.
أكدت ذات المصادر، أن القضية تتعلق بانتهاك صريح للقانون 98/4 الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 جوان 1998، الذي يمنع منعا باتا، إنجاز أي أعمال حفر أو تنقيب في المناطق الأثرية دون ترخيص من الدائرة المختصة في وزارة الثقافة مع إخطار الجهات الأمنية بذلك، كما أن القانون يسري على الطبقات الجوفية الموروثة من مختلف الحضارات المتعاقبة منذ ما قبل التاريخ.
وتعزّز المصادر اتهامها، بسلسلة من الوثائق والتسجيلات التي تحصلت عليها “الشروق اليومي”، إضافة إلى نص المراسلة التي وجّهها باحث جامعي مختص في التاريخ والآثار إلى وزارة الثقافة منذ عدة أشهر، حيث توثق تسجيلات مصورة عملية حفر غير مرخصة أجريت في موقع “قاستل” باستعمال ترخيص صادر عن جامعة ڤالمة خارج القانون المذكور، وقد أسفرت العملية التي كانت تحت إشراف البروفيسور المختص في علم الآثار “ج،ع” بمساعدة من طلبته، عن استخراج 54 عينة ترابية من الموقع المصنّف، تحمل بقايا نباتية وحيوانية قديمة محفوظة في طبقات الأرض.
مع العلم أن الأستاذ الذي كان وراء عملية الحفر، حصل على ترخيص موقّع من الأستاذ “م.ز.ع” نائب مدير الجامعة المكلف بالتكوين العالي بتاريخ 19/02/2013 لإخراج هذه العينات نحو بلجيكا، في إطار تربص قصير المدى في مخبر مغناطيس الصخور والآثار في العاصمة بروكسل، حسب ما ورد في شهادة تربصه الذي استغرق 10 أيام في الفترة الممتدة ما بين نهاية فيفري وبداية مارس العام الماضي، كما أقر المعني بالأمر في تقرير تربصه أنه أجرى تحاليل على عينات ترابية من المنطقة المذكورة، تتضمن القابلية المغناطيسية وتفاصيل علمية أخرى، كما تؤكد وثيقة أخرى صادرة من المعهد الملكي البلجيكي عن الاستعداد لاستقباله في تلك الفترة.
قسم الآثار والتاريخ رفض الترخيص
تشير وثائق أخرى في الملف، أن رئيس قسم التاريخ والآثار السابق بجامعة ڤالمة الدكتور “س.ع” رفض في مراسلة رسمية بتاريخ 17/02/2013 البت في ملف الأستاذ أو الترخيص له بنقل العينات الترابية خارج الوطن، نظرا لعدم قانونية الإجراء واستخراج تلك العينات من موقع أثري محمي بسلطة القانون، ما يطرح عدة تساؤلات حول الطريقة التي أخرجت بها العينات، التي وصفت في الترخيص بالنقل الذي وقعته رئاسة الجامعة “بالعينات الجيولوجية الموضوعة في علب بلاستيكية صغيرة”.
كما أن الجهات الأمنية والثقافية في تبسة لم تعلم شيئا عن هذه العملية حسب مصادرنا، ما يعني أنها تمّت خارج إطار المادة رقم 71 من القانون 94/4، التي تنص صراحة أن “الوزير المكلف بالثقافة، وحده المؤهل لأن يأمر بالحفر والتنقيب وغير ذلك من أنماط الأبحاث الأثرية المزمع إجراؤها..”، وأنه “يتعين على القائم بالأبحاث في جميع الحالات التي يجري فيها البحث الأثري أن يضع خطة تسيير مكتشفات الموقع المحفور”، ما يعني أن قسم الآثار في أي جامعة لا يحق له ما يمنع على غيره بنص القانون.
ما حدا بنا إلى طرح أسئلة من قبيل لماذا لم يطلب الأستاذ “ج.ع” الترخيص المطلوب قبل الحفر؟ وكيف تصدر الجامعة ترخيصا خارج صلاحياتها؟ وأين هي العينات ونتائج التحليل بعد العودة من بلجيكا؟ وهي الأسئلة التي يبقى من حق جامعة ڤالمة الرد عليها، حيث لم نتمكن في اليومين الأخيرين من الاتصال برئاسة الجامعة لانشغالات مسؤوليها، لاسيما نائب مدير الجامعة بالنيابة المكلف بالتكوين العالي، الذي قيل لنا أنه يحضر اجتماعا مهما يوم الخميس الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن الأستاذ المتهم بإخراج العينات من دون ترخيص سبق له العمل في هذا الميدان، حيث نشر على موقع مختص في الانترنيت تفاصيل رحلة قادته إلى اكتشاف مواقع أثرية لما قبل التاريخ في منطقة أولاد حمودة عام 2007 عندما كان أستاذا في جامعة تبسة.