الأسياح ـ تقرير : سعود المطيري
لم تكن هجرة البعيثة الواقعة حوالي 40كم شمال مدينة قبة بمنطقة القصيم في السابق سوى مورد ماء معروف يتوافد عليه أبناء البادية في أشهر الصيف ووقت حاجتهم للماء، قبل أن يتحول مثل كثير من موارد المياه المماثلة مع بداية مشروع توطين البادية إلى هجرة متواضعة تقبع في أقصى حدود منطقة القصيم وبعيداً عن مجال الخدمات الضرورية.
الهجرة القديمة تحولت إلى منجم إثر اكتشاف كميات هائلة من البوكسايت والكاولين
وظلت البعيثة أو(بعيثة الدهيم) كما تعرف، هكذا على الهامش حتى برز اسمها مؤخراً، وصار حاضراً ضمن أخبار الاقتصاد المحلية والعالمية، بعد ما أضيفت البعيثة أو (منجم البعيثة) إلى قائمة المواقع المهمة المنتجة للخامات النادرة منذ ما يقارب 24 عاماً، على إثر اكتشاف كميات هائلة من خامي (البوكسايت) و(الكاولين)، فالأول يدخل ضمن صناعة ألمونيوم الطائرات والصناعات الثقيلة، ويعد من أندر وأغلى المعادن المماثلة في العالم، ويستخدم الثاني في صناعة الحراريات والأسمنت والخزف، وكمادة ماصة وواقية وكعازل للتيار الكهربائي، وفي صناعات الورق والدهانات. والذي بدأ نقله بالقطار فعلياً منذ فترة إلى رأس الخير في المنطقة الشرقية.
وكون الهجرة تقع ضمن خارطة التعدين فقد صدرت الأوامر الكريمة القاضية بنقل موقعها بالكامل إلى مكان مناسب يختاره سكان الهجرة، والذي اختير بالفعل في مكان أكثر حيوية يبعد عن مكان الهجرة القديمة بنحو 70كم، وعلى طريق إقليمي هو طريق القصيم – حفر الباطن، أو ما يسمى بطريق قبه – سامودة في مكان يعرف ب (خبة النقع)، في المسافة ما بين الأسياح وقبه، بعد ما تم نزع ملكية الهجرة القديمة كاملة، وتعويض سكانها عن أملاكهم الزراعية والسكنية وجميع أنقاضها، وتم الشروع فعلا بإنشاء البعيثة الجديدة بعد أن عين لها رئيس مركز من سكانها لأول مرة لتظم البعيثة إلى مراكز الأسياح العشرة.
وكان قد صدر بهذا الشأن برقيه من ديوان رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 1/5/1432ه موجهة إلى وزير الشؤون البلدية والقروية وتوجيه نسخ منها لكل من وزارة الدفاع والطيران (رئاسة الأرصاد وحماية للبيئة)، ووزارة الداخلية ووزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة المالية ووزارة الزراعة، ووزارة النقل ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ووزارة المياه والكهرباء وديوان المظالم، لتنفيذ الأمر الكريم بشأنها، ومنها اختيار الموقع المشار اليه مكاناً للهجرة الجديدة، وأن يتم توزيع الأراضي السكنية والزراعية بعد رفع الحظر عن توزيع الأراضي الزراعية في الموقع المختار من قبل الجهات المعنية وفق التعليمات.
70 %من مشروع تمديد شبكة المياه أنجز.. و38 مليوناً تكلفة الرصف والسفلتة والموقع الجديد
ووجه الأمر الكريم كل من وزارة النقل إعطاؤهم الأولوية في تزفيت الطريق المؤدي إلى الموقع، مع اعطائهم الأولوية في تزفيت شوارع المخطط السكني، ووزارة المياه والكهرباء إعطائهم الأولوية بحفر بئر ارتوازية للشرب بالمخطط السكني وإيصال الكهرباء اليه، وإعطائهم الأولوية في الاقتراض من صندوق التنمية العقارية وفق ما لديهم من ضوابط، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات إيصال الخدمات الهاتفية للمخطط السكني، ووزارة المالية العمل على سرعة تعويض المواطنين عن أنقاضهم، مع عدم إلزام أهالي الهجرة بإخلاء عقاراتهم بموقع الهجرة القديم وكذلك موقع الهجرة الثاني، الذي يفصله عن الموقع الأول شارع بعرض 100م حتى يتم تسليمهم الموقع الجديد وتسليمهم التعويضات، والنظر في تعديل مسمى المنجم من مسمى منجم الزبيرة إلى مسمى منجم (البعيثة) والذي تم تعديله بالفعل.
كما وجه الأمر الكريم وزارة البترول والثروة المعدنية بتخطيط وترسيم جميع المناطق المحجوزة للأنشطة التعدينية، ومراقبتها درءاً لأي مشاكل أو تعويضات في المستقبل، ونص التوجيه الكريم ايضاً بالعمل على سرعة إيصال الخدمات والطريق المزفلت لهذا الموقع، وأن يتم تعيين رئيس مركز لأهالي هجرة البعيثة ليسهل على الأهالي مراجعة الإدارات الحكومية.
وعليه فقد باشرت الجهات المعنية تنفيذ مشاريعها كل فيما يخصه، ومن ضمنها مشاريع بلدية تشمل الزفلتة والرصف والإنارة الداخلية، تقوم بتنفيذه حالياً بلدية الأسياح عن طريق مقاول سعودي بمبلغ إجمالي بحوالي 38 مليون ريال، ومشروع شبكة للمياه أنجز بحسب مدير فرع المياه بالأسياح ما نسبته 70% من مشروع تمديد الشبكة، بالإضافة إلى مشاريع أخرى تشمل أيضا شبكة للصرف الصحي، كذلك محطة لتنقية المياه وحفر بئر ارتوازي، كما تم إطلاق التيار الكهربائي، ومن المقرر أيضا إنشاء جميع الدوائر والخدمات الأخرى التي يحتاجها المركز سواء تعليمية أو صحية.
ويتطلع أهالي الهجرة حالياً والذين لا يزالون يقطنون هجرتهم القديمة في انتظار جاهزية بلدتهم الجديدة إلى سرعة تنفيذ المشاريع والخدمات التي يسير بعضها بطريقة بطيئة قد يتأخر تسليمها عن الموعد المحدد، ويتطلعون إلى زيارة صاحب السمو الملكي د. فيصل بن مشعل أمير منطقة القصيم المقررة اليوم الأحد، والتي سيقف من خلالها على موقع المركز الجديد ويتفقد العمل ومستوى سير تنفيذ مشاريع البني التحتية.