معرض «سكتشات»: اللوحة في لحظة براءتها الأولى
من أعمال تغريد البقشي
الخبر – علي سعيد
احتفاءٌ فريدٌ بالسكتش أو بتلك اللحظة الجنينية التي يولد فيها العمل الفني قبل أن يتطور ويصبح لوحةً بحجمٍ نهائي.. هو ما اختار أن يقدمه معرض “سكتشات” المقام حالياً بغاليري تراث الصحراء بالخبر. المعرض احتوى تجارب تعبيرية متنوعة وهويات لونية وتقنية مختلفة لفنانات وفنانين أعادوا إنتاج أعمالهم متوقفين عند زمن تكوينها الأول “السكتش”، كأنهم قرروا أن يدخلوا الجمهور صندوق العجائب الإبداعي ليشاهدوا بروفة “الرقصة اللونية”، بعد أن فتحت أمامهم كواليس بناء اللوحة منذ لحظة إبصارها الأول.
المعرض الذي أعد له في زمن قياسي – شهر ونصف الشهر -، ضم عدداً من الفنانين الذين اشتغلوا في الأساس على لوحات بحجم “سكتشي” صغير، كتغريد البقشي، التي تحدثت عن تجربة المعرض ككل بإعجاب، معتمدة طريقة مغايرة في عرض أعمالها ذات الهوية البصرية الخاصة والمعروفة بتغريد، مستبدلة الإطار الخشبي بحامل زجاجي مفرغ في مقترح استعراضي جديد وازن بين بساطة السكتش وجهوزية اللوحة المنتهية. أما حسين السماعيل – مشرف الغاليري – والذي ينتمي أسلوبه الفني في الأساس إلى الاسكتش كفن مستقل ويرسم بشكل يومي، عرض رسوماً لأعمال سكتشية تلامس مواقف لحظية مستلهمة من إيقاع الحياة اليومية، حد الاقتراب من فن الكاريكاتير، دون التورط بهذا الفن الأقرب للآني والمباشرة.
ضمن تجارب المعرض، تجلت الروح اللونية الخاصة لنورا كريم، من خلال مزج زاهٍ تفردت فيه كريم وهي ترسم على أسطح صغيرة أشبه بورق دفتر تسجيل الملاحظات، وبلمسة طفولية عفوية، لا تقل جمالاً ولا إبهاراً عن أعمال رفيقتها مريم أبو خمسين، التي أخذت المتلقي بصحبة بدايات التفكير في اللوحة وفي تلك “الحُمّى” الإبداعية لولادة قبل أن يصل إلى البناء المتكامل. في المعرض أيضاً فرصة للحديث الجانبي عن أهمية الاسكتش، كبروفة أولى لعمل أنضج، في حين هناك من يفضل الارتجال ورسم اللوحة دون اللجوء إلى التخطيط الأولي “السكتش”، كلٌ حسب طريقته، أما في هذا المعرض المفتوح حتى العشرين من شهر مايو الجاري، فسوف يتسنى لمتذوق الفنون التشكيلية أن يرى البذرة الأولى لولادة اللوحة، حتى ولو كانت أغلب الأعمال المقدمة ليست سكتشات عفوية بل هي مرسومة خصيصاً للمعرض لكنها على الأغلب احتفظت بالروح الاسكتشية كما في أعمال الفنان البحريني أحمد عنان، في حين سنجد لوحات أقرب للاكتمال والنضج النهائي كما في لوحات البقشي وهاني الحمران وعلي الميرزا وعباس آل رقية. وهكذا يمكن لهذا المعرض المبتكر في فكرته – محلياً على الأقل – أن يكون فرصة للاقتراب من جماليات الفن التشكيلي ولكن في براءته الأولى.