الاثار العربية المتاحف والمعارض

معرض فني في تونس يناقش هجرة الشباب قسراً

image

 

في أعمال الفنانة التشكيلية أمال بن صالح زعيم، تتلاقى الألوان بانسجام فترسم أمواجاً متلاطمة وأفكاراً تتزاحم وأحاسيس تتدفق في تداخل تمتزج فيه لذة حلم عذب وخوف يدهم القلب ثم تتناثر كلها شظايا وتتلاشى بين “زرقتين” لتحكي قصة بحر يبتلع أحلام المهاجرين. معرض (العشق الأزرق) للفنانة التونسية بقاعة علي القرماسي، بوسط تونس العاصمة، رحلة في الألوان يمتزج فيها التجريدي بالواقعي، تتبع طريق “المهاجرين غير الشرعيين” لتغوص في أحاسيسهم المتناقضة، أثناء صراعهم مع أمواج البحر الهادر في طريق نحو حلم غادر. ويطغى اللون الأزرق على لوحات الفنانة التونسية ببراعة وبتناغم، فيتكثف أحياناً ويهدأ أخرى ويشوبه بياض أو سواد فيتجلى صخب الأمواج الهادرة وتنبثق أصواتاً متشابكة وصرخات متداخلة.. أنينا ودعاء واستنجاداً. في لوحتين بعنوان (حرقة) و(غير شرعية)، يظهر شكل إنسان ببقع بنية يحيط به اللون الأزرق بتدرجه مع بقع بيضاء، كأنها ترمز للألم والمعاناة وقسوة الحياة، التي تدفع الشبان لركوب قوارب الموت، سعياً وراء الأمل في حياة أفضل، ليجد نفسه محاصراً بين زرقتين البحر والسماء. وتقول أمال بن صالح زعيم “راكبالبحر الهارب من المعاناة الحالم بحياة أفضل يجد نفسه لا يعيش إلا بين الأزرقين ولا يتنفس إلا من الأزرقين.. زرقة السماء التي يتلحف بها سندباد البحر وزرقة البحر الذي يحتضن ضيفه”. وفي لوحة بعنوان (خيال أزرق) يبدو شخص رافعاً يديه كأنه يتضرع بالدعاء أو يستنجد أو كأنه يغرق يبحث عن قشة يتشبث بها، بلون أزرق مؤثر فيه تدرج وملمس ناعم أحياناً وخشن أحياناً أخرى مع خلفية بيضاء. وفي عمل آخر بعنوان (الرقص المروع)، أزرق متدرج متداخل مع سواد وخطوط وبقع بيضاء في دوائر، كأنها دوامة بحرية تتوسطها بقع حمراء، فتتحول الرحلة إلى تراجيديا مأساوية تعصف بأحلام الشباب الحالم بالوصول للضفة الأخرى، ويتحول “عشق الأزرق” أو عشق الحياة إلى موت محتم. ولقي آلاف المهاجرين غير الشرعيين حتفهم غرقاً في البحر المتوسط الذي تحول إلى مقبرة الحالمين بالوصول إلى الضفة الشمالية سعياً وراء حلم حياة أفضل. وفي قاعة العرض، شيدت الفنانة مجسماً لحطام قارب فوقه عجلة مطاطية، وأغلال في إشارة إلى الرغبة في الانعتاق من القيود التي تكبل الشبان، وتدفعهم لرحلة الموت. وتقول الفنانة التونسية “الفن فكرة.. فكرة مرتبطة بإحساس يكبر داخل الفنان ثم ينبعث صرخة أمل في وجه المعاناة بسبب الحرقة (الهجرة غير الشرعية) التي تدفع الشباب الذي يعاني من ظروف صعبة، هو العاشق لحياة أفضل، ليركب المخاطر لتحقيق حلمه، لكن هذا الحلم يتحول لمأساة ويصير الأمل مصدراً للألم”.

الاقسام

اعلانات