مقالات

المسجد العمري الكبير.. في غزة معلم اثري ذو قيمة معمارية كبيرة

b39049d34827a06d988d00fa029286b0_w450_h0

يعتبر مسجد العمري الكبير اقدم وأعرق مسجد في مدينة غزة اذ يقع في حي الدرج وسط منطقة (غزة القديمة) كما يسميها الغزيون بالقرب من السوق القديم وتبلغ مساحته 4100 متر مربع ومساحة فنائه 1190 مترا مربعا يعكس بنيانه المتين والجميل ابداع الفن المعماري القديم في غزة.

وحسب الروايات فان المسجد انشئ قبل نحو 2000 عام على يد الرومان كمعبد وثني في اعلى منطقة بغزة ثم تم تحويله الى كنيسة في عهد البيزنطيين وعندما فتحت غزة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل منها جامعا.

وورد في (الموسوعة الفلسطينية) عن سبب تسميته ب”الجامع العمري” نسبة الى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه صاحب الفتوحات وب”الكبير” لأنه اكبر جامع في غزة.

وبحسب الموسوعة “فان هذا الجامع تم تعميره على يد الملوك والوزراء والمصلحين كما تشهد بذلك الكتابات المنقوشة على ابوابه وجدرانه وانشأ له السلطان لاجين سلطان المماليك مئذنة سنة 697 هجرية ووسعه الناصر محمد”.

وفي الحرب العالمية طال المسجد خراب كبير فتهدم القسم الاعظم منه وسقطت مئذنته الامر الذي دفع بالمجلس الاسلامي الاعلى الى تجديد عمارته في عام 1345 هجرية تجديدا شاملا واعادة بنائه بشكل فاق شكله السابق.

وحرص العثمانيون على نمط مميز في فن عمارة المساجد بخاصة في نظام التسقيف وهو ان تلحق بالقبة الرئيسة في المسجد قباب اصغر تحيط بالمسجد اما طريقة بناء مئذنته التي تعلو بيت الصلاة فتعبر عن نمط بناء المآذن المملوكية التي تتسم قاعدتها بأنها مربعة الشكل ثم حورت لتكون ثمانية الشكل وذلك بكسر زوايا المئذنة بشكل معماري لطيف ومهذب.

وفي السياق ذاته قال استاذ التاريخ والخبير في مجال الآثار الدكتور عدنان ابودية لوكالة الانباء الكويتية (كونا) “ان هذا المسجد أنشئ قبل 2000 عام كمعبد وثني على يد الرومان في اعلى منطقة في غزة اذ يتم قديما اختيار اعلى منطقة في المدينة لاقامة معبد فيها”.

وقال الدكتور ابودية “ان هذا المسجد انشئ كمعبد وثني للاله (مارنا) وهو كبير آلهة غزة وكان في الاساس يتجه من الغرب الى الشرق” مضيفا انه ” عندما جاء البيزنطيون وتم تحويل الديانة من الوثنية الى المسيحية نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس تم تحويله من معبد وثني الى كنيسة وبقي في نفس الاتجاه”.

واشار الى انه عندما انتشر الاسلام في هذه المنطقة “قام سكان المنطقة الذين اسلموا بتحويله من كنيسة الى مسجد واسموه ب (العمري الكبير)”.

وأوضح الدكتور ابودية ان تسميته تعود الى فترة الفتح الاسلامي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وهذا دلالة على انه اول المساجد مشيرا ايضا الى انه تسميته بالكبير لتمييزه عن باقي المساجد التي سميت بنفس الاسم. ولفت الى ان التسلسل التاريخي لهذا المسجد هو التسلسل العقائدي لأهل غزة من العصر الروماني الى البيزنطي ثم الاسلامي.

واوضح “ان ما يعود الى العصر الروماني في المسجد هو المخطط والاتجاه فمخططه نظام البازالي وهو عبارة عن ثلاثة اروقة وساحل الرواق الاوسط الموجود منذ الرومان والبيزنطيين” مضيفا “ان المسلمين اضافوا اليه الرواق الرابع وهو رواق مملوكي”.

وعزا الدكتور ابودية وجود المنبر والمحراب في الزاوية الجنوبية الشرقية للمسجد “الى ان هذا البناء كان متجها شرقا على طريقة المعابد الوثنية ولا يمكن ان يصح ذلك على طريقة المسلمين لان قبلتنا باتجاه الجنوب الشرقي فتم حرف القبلة قليلا لتتلاءم معها”.

وحول عمليات الترميم التي خضع لها المسجد انتقد الدكتور ابودية قيام عمال غير متخصصين بعملية الترميم قائلا “الذي يقوم بترميم المسجد حاليا عمال ومهندسون غير محترفين وغير متخصصين قاموا بأشياء تتناقض تماما مع مبادئ علم الترميم وبخاصة لمبنى حضاري يعتبر من اقدم المباني الموجودة في فلسطين ولأنه مكون من الحجر والشيد والرمل والفخار والرماد والحجر الزيري والحجر الرملي”.

ولفت الى ان عمليات الترميم أثرت على النقوش التاريخية الموجودة على جدران المسجد وان عملية ترميم هذه المباني تحتاج الى طرق علمية ومواد معينة لا تؤذي الحجر.

في المقابل رأى امام المسجد وأحد القائمين على اعادة ترميم المسجد (العمري الكبير) وتأهيله الشيخ جمال ضبان في تصريح مماثل ل(كونا) “ان عملية الترميم الجارية حافظت على المسجد واحجاره من التآكل”.

وقال الشيخ ضبان “ان هناك اهتماما واسعا من وزارة الاوقاف والشؤون الدينية بعملية الترميم” موضحا انه “يوجد فريق كامل للصيانة والترميم ليحافظ على الحجر من التآكل”.

ولفت الى ان المواد المستخدمة في عمليات الترميم هذه هي مواد خاصة تم شراؤها قبل فرض اسرائيل حصارها المشدد على قطاع غزة صيف عام 2007.

وذكر في نهاية حديثه ل(كونا) “ان الكثير من العرب والمسلمين والاجانب يحضرون الى المسجد لمشاهدة بنائه الجميل والرائع”.

الاقسام

اعلانات