المتاحف والمعارض

معرض الخط العربي..احتراف ونصف احتراف

image image image image

 

لطالما كان للخط العربي ما يميزه عن سواه من خطوط اللغات الأخرى، إذ هو قابل لأن يتخذ بُعداً فنياً، إذا كان الكاتب، ونعني هنا من يخطه بيده، ملماً بمبادئ معينة، وصاحب مهارات خاصة لا تتوفر لأي كان. إذ إن هذا الخط، شأنه شأن خطوط اللغات الأخرى، ولكن بدرجات أعلى من سواه، في حاجة إلى دراسة متخصصة، إلا إذا كان الخطًاط موهوباً بالفطرة، وقادراً على الكتابة من دون العودة إلى المبادئ الكثيرة المتعلقة بالموضوع الذي نحن في صدده.
هذه الحالات كلها، أو معظمها على الأقل، يمكن رؤيتها في «معرض إبداع للخط العربي» (*)، إذ يتراوح مردود الأعمال المعروضة بين الاحتراف، ونصف الاحتراف، إذ ما صح التعبير، بالإضافة إلى جملة من الأعمال المنفذة من قبل هواة. يشارك في المعرض فنانون من بلدان عربية عديدة: لبنان، سوريا، الجزائر، تونس والإمارات، ويصل عدد المشاركين إلى حوالي الخمسة والعشرين، ومن ضمن هؤلاء يمكننا أن نذكر من اللبنانيين مختار البابا، محمود بعيون، محمود البرجاوي، علي عاصي، فايد شحادة.
هذا وقد جلس خلال الافتتاح عدد من الخطاطين، من المشاركين في المعرض، مع عدتهم الكاملة، جنبا إلى جنب إلى طاولة طويلة، كي يلبوا طلبات جمهور المشاهدين ممن أرادوا أن يخطوا لهم أسماءهم، كذكرى لحضورهم المعرض.
كما هي العادة في المعارض الجماعية، ثمة مقاربات عديدة ومختلفة لمسألة التعاطي مع العمل الفني على اختلاف أنواعه. وفي المجال الذي نحن في صدده يمكن القول إن مجرد الكتابة بالخط شيء، والسعي لتحويل المساحة المكتوبة إلى عمل فني شيء آخر. هذه المسألة وُجدت، ربما، منذ أن تحددت المعالم المتفق عليها للخط العربي، وجرى تحديد صفاته وأساليبه، ومبادئه بالطبع، ما جعل من الممكن حينها إطلاق تسميات محددة على هذه الطريقة أو تلك وهذا الأسلوب أو ذاك. أكثر الأعمال التي نراها في المعرض اعتمدت خطوطاً كالفارسي أو الديواني أو الكوفي والثلث وحتى خطوط أخرى كثيرة، إذ إن الخط العربي، كما هو معروف، قابل لنسج عمل فني متكامل، إذا توفرت لدى الصانع المهارة المطلوبة تقنياً، معطوفة على معرفة بأصول التأليف، وكيفية بناء لوحة اعتماداً على إمكانيات الخط ومخزونه الفني الزخرفي. وبما أننا ذكرنا الزخرفة، وهي قد تكون في الواقع واحدة من صفات الخط العربي، إذا كانت مقصودة في ذاتها، فإن الكثير من الأعمال المعروضة اتخذت من البعد الزخرفي هدفاً نهائياً لها، وهو أمر مشروع ولا يقلل من قيمة العمل، إلا في حال غلبة التزيين المفرط، وهو مطب يقع فيه عادة الهواة، ممن يقومون بصناعة أعمال فنية بدافع التسلية لا أكثر.
أما في ما يختص بالحروفية، كنوع فني ظهر في التشكيل العربي منذ عقود، فهي حاضرة أيضاً في المعرض. بعض تلك الأعمال تشي بحرفية نسبية، وبعضها الآخر لا يعدو كونه تقليداً أو تماثلاً مع أعمال فنانين معروفين، كانوا قد اعتمدوا هذا النوع الفني في أعمالهم. بيد أن الحروفية، بحسب رأي بعض العاملين في مجال التشكيل، كانت قد استنفدت إمكاناتها من الناحية العملية، علما أن ثمة محاولات ما زالت قائمة من أجل إيجاد أبعاد حديثة لها، لا تأخذ من الخط سوى ملامح محددة أو إشارات، وهذه المحاولات قد نرى بعض تجلياتها في المعرض، لكنها لم تبلغ بعد درجة النضوج المكتمل.
أخيراً لا بد من الإشارة الى أن أعمالاً عديدة في المعرض اعتمدت آيات قرآنية، أو عبارات محددة من القرآن، كي تصوغها ضمن العمل بمساعدة تقنيات أقرب إلى الأرتيزانا، بمساعدة مواد مختلفة، وقد نجح أصحاب بعض تلك اللوحات في إضفاء جمالية معينة على العمل، أو الأعمال التي هي صغيرة الحجم في مجملها.
محمد شرف
(بين 27 و29 تموز الحالي، في قصر الأونيسكو، بيروت)

الاقسام

اعلانات