اثار الاحساء اثار الجزيرة العربية اثار الدوادمي اثار الشرقية الاثار الاثار السعودية التراث العالمي الشرق الادنى القديم متحجرات مقالات

هل ابتلعت الأرض المستوطنات الموغلة في القدم؟


لدينا تنوع من الآثار يؤرخ بالألف الخامس قبل الميلاد وما بعده، وليس لدينا مستوطنات تعود لذات الفترة وما تلاها، إما أن المستوطنات صادقة لم يكن لها وجود في بلادنا، أو أن الباحثين مخطئون في تاريخهم لتلك الآثار المتنوعة، أو أن المستوطنات موجودة ولم نعثر على مواضعها، وهذا هو الأرجح.
يوجد لدينا عدد من المجسمات وجدت في شمال غربي المملكة العربية السعودية، وشرقها، ووسطها، يؤرخ بعضها بالألف الرابع قبل الميلاد، وبعضها بالألف الثالث قبل الميلاد، وبعضها بالألف الثاني قبل الميلاد، وجميعها منشورة في مطبوعات عديدة. لدينا عدد من مواقع المدافن التي تم التنقيب فيها وأرخت بموجب المواد الملتقطة منها بالألف الثالث قبل الميلاد. لدينا تنوع من الأختام التي أُرخ بعضه بالألف الثالث قبل الميلاد وبعضه بالألف الثاني قبل الميلاد؛ وكمية من الخرز المتنوع التي تؤرخ بالألف الثالث قبل الميلاد؛ وكميات كبيرة من الأواني الفخارية التي تؤرخ بالألف الخامس قبل الميلاد؛ وكميات كبيرة من الأواني الفخارية التي تؤرخ بالألف الثالث والثاني قبل الميلاد؛ وكمية من الأسلحة المعدنية من المؤكد أنها تنتمي للألف الثالث قبل الميلاد والألف الثاني لأنها وجدت في مدافن مع الأختام المؤرخة بالألف الثالث قبل الميلاد، وبعضها وجد في مدافن مع نمط جرار دلمون الذي انتج في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد.
اجزم أن للأواني مستخدمـة، وأن للأختام مستخدم، وأن لتلك التماثيل الضخمة مالك، ولتلك الخرزات لابس، ولتلك الأسلحة مستخدم، ولعشرات الآلاف من المدافن ساكن. لا شك أن أولئك المستخدمون عاشوا وماتوا في أرض المملكة العربية السعودية، فأين مدنهم، وأين قراهم، وأين أماكن عباداتهم واجتماعاتهم، كيف عاشوا، وكيف اختفوا، وما نوع أنظمتهم وعلاقاتهم بالغير؟
والأعجب من ذاك هو أننا نجد الأختام المؤرخة بأوائل الألف الثالث داخل قبور، وفي أماكنها التي وضعها أهل المدفونين فيها مع موتاهم؛ ونعود إلى السؤال: هل هذه منشآت قبور أم أعلام طريق، أم ذات أغراض فلكية؟ هل نحن لا نستطيع أن نثق بأنفسنا أو أننا مترددين في تصديقها، الدليل أمامنا وبين أيدينا ومع ذلك نشكك فيه، وننتظر ممن لا يعرف عن حضارتنا إلا الأقل أن يضعنا على الطريق.
أنا متيقن أننا سوف نجد مستوطنات العصور الموغلة في القِدم تحت الرمال قريبة من أماكن مستوطنات النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد مثل ثاج والدفي في المنطقة الشرقية، والفاو والسيح، والخضرمة في منطقة الرياض، والخريبة ومدائن صالح وخريبة تيماء في منطقتي المدينة المنورة ومنطقة تبوك. فالتغير في خارطة توزيع المستوطنات استمر لآلاف السنين بطيئاً لأن عوامل الجذب الاستيطانية ثابتة. أما ما حدث من تسريع في تغير توزيع المستوطنات فجاء خلال المئة عام الأخيرة بفعل الآلة الحديثة.

هل ابتلعت الأرض المستوطنات الموغلة في القدم؟
بقلم: أ.د. عبدالعزيز بن سعود بن جارالله الغزي

الاقسام

اعلانات