في ظل أجواء قرع طبول الحرب، أن القطاع خسر مبدئيا سيّاح فصل الخريف بعدما خسر سيّاح الصيف
تتفاقم الخسائر التي يتكبدها قطاع السياحة شهرا اثر شهر، حتى بات التذكير بأن «مليونين و167 ألفا و989 سائحا قدموا إلى لبنان في العام 2010»، يستدعي استغراب الكثيرين. كذلك القول: «إن بيروت كانت أكثر أمانا من نيويورك وباريس ولندن» خلال ذاك العام، يصبح من باب التندر.
وفيما بات من المؤكد، في ظل أجواء قرع طبول الحرب، أن القطاع خسر مبدئيا سيّاح فصل الخريف بعدما خسر سيّاح الصيف، تُبرِز الأرقام التي حصلت عليها «السفير»، أن لبنان خسر حتى شهر تموز الماضي، 572 ألفا و215 سائحا، وما نسبته 43.15 في المئة مقارنة مع الأشهر السبعة الأولى من العام 2010، إذ بلغ عدد الوافدين في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، 753 ألفا و786 زائرا، مقابل مليون و326 ألفا وزائراً واحداً في الفترة نفسها من العام 2010.
كما تكشف «مصلحة الأبحاث والدراسات والتوثيق» في وزارة السياحة، أن نسبة تراجع الوافدين حتى تموز الماضي، بلغت 13.52 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2012 (بلغ عددهم 871 ألفا و720 زائرا)، و24.15 في المئة في العام 2011 (عددهم 993 ألفا و867 زائرا).
أمام هذا «التراجع الكارثي»، لم يعد خافيا مدى تأثير الوضع الأمني غير المستقر في القطاعات الاقتصادية عموما، والقطاع السياحي خصوصا، ويمكن القول، وفق معطيات حصلت عليها «السفير»، إن تراجع مداخيل السياحة هذا العام، ستتخطى الأربعة مليارات دولار، مقارنة مع العام 2010 عندما بلغت حوالي ثمانية مليارات دولار.
من سيئ إلى أسوأ يمكن اختصار وضع السياحة، بما يقوله رئيس «اتحاد المؤسسات السياحية» نقيب «أصحاب الفنادق» بيار الأشقر، والأمين العام لـ«اتحاد المؤسسات السياحية» نقيب «أصحاب المؤسسات السياحية البحرية» جان بيروتي: «إنه من سيئ إلى أسوأ ومن صعب إلى أصعب»، من دون نسيان التأكيد أن «الوضع مأساوي، وخسرنا موسم الصيف الذي كان يمكن الرهان عليه، لتعويض نسبة من الخسائر التي تتكبدها المؤسسات منذ عامين».
ويوضح الأشقر أن «مداخيل القطاع بعد أخذ عينات من حوالي 40 فندقا في بيروت والمناطق، تراجعت بين 35 و40 في المئة، مقارنة مع العام 2012، وبنسبة 54 في المئة مقارنة مع العام 2010».
أمام هذا الوضع، يكشف الأشقر، أن «القطاع استغنى عن أكثر من 70 في المئة من العمّال الموسميين، أي حوالي 14 ألفا، معظمهم من طلاب المدارس والجامعات، إضافة إلى ذلك، صرفت الفنادق غير الموسمية حتى الآن، 25 في المئة من موظفيها، أي حوالي خمسة آلاف موظف».
في هذا الاطار، علمت «السفير» أن «حوالي 180 مطعما في مناطق الاصطياف لم تتمكن من فتح أبوابها في الصيف، 60 في المئة من عمّالها من الطلاب».
فنادق مهددة بالإقفال بلغة جازمة، يؤكد الأشقر أن «القطاع يشهد إقفالا جزئياً في جميع المؤسسات يتراوح بين 30 و60 في المئة، إذ هناك أقسام كاملة وطوابق أقفلت في العديد من الفنادق والمطاعم والمؤسسات السياحية الأخرى»، مضيفاً ان «عشرات الفنادق في الجبل مهددة بالإقفال في أي لحظة، ولولا ارتفاع قيمة العقارات في بيروت، لكنا شاهدنا إقفال العديد منها تدريجياً».
ويلفت بيروتي الانتباه إلى أن «النزف السياحي ما زال مستمرا منذ أكثر من سنتين، ولا أي بوادر أمل تعيد «الأوكسجين» إلى القطاع الذي شكل في عامي 2009 و2010، حوالي 22 في المئة من الدخل القومي»، متوقعا أن لا تتعدى هذه النسبة الخمسة في المئة هذا العام.
تقاطع العديد من العوامل في هذا الإطار، تؤكد مصادر وزارة السياحة لـ«السفير» أن «التراجع الملحوظ في حركة الوافدين، سببه تقاطع العديد من العوامل، في مقدمتها: الوضع الأمني محلياً وإقليمياً، الذي لم يقتصر تأثيره السلبي في حركة قدوم السيّاح الأجانب والعرب فحسب، بل دفع إلى تراجع ملحوظ في حركة المغتربين أيضا».
وتلحظ أنه «أمام هذا التوتر المستمر، يصعب القيام بأي تحرك أو نشاط للترويج للسياحة في لبنان عربيا ودوليا. فضلا عن ذلك، هناك عوامل أخرى تواجهنا إضافة إلى الموضوعين الأمني والمقاطعة الخليجية، من أبرزها، عدم وجود أسعار تنافسية على أسعار التذاكر والفنادق، فسعر التذكرة مثلا من الأردن إلى لبنان يبلغ حوالي 390 دولارا على الفرد، بينما كان السائح الأردني يقصد لبنان مع عائلته برّا، بتكلفة لا تتعدى 50 دولاراً، والأمر نفسه ينطبق على السائح العراقي».
لكن لا تشاء المصادر التوقف عند هذه اللوحة القاتمة، إذ تعتبر أن «السوريين وعائلاتهم حالياً، يعوّضون إلى حد ما، ما خسره القطاع الفندقي من نسبة إشغال بسبب المقاطعة الخليجية والأجنبية، إضافة إلى المغتربين».
مصير القطاع مجهول في المقابل، يؤكد الأشقر لـ«السفير» أن «المطلوب عاجلاً تشكيل حكومة، وخلق بيئة مؤاتية لجذب السيّاح وطمأنتهم، والاستثمار في القطاع، وتأمين العمل على مدار السنة، لا اقتصار الحركة على ثلاثة أو أربعة أيام من عطلة العيد، وعدد محدود من المؤتمرات والمعارض والاجتماعات لمسؤولي شركات سورية».
أما على صعيد الحجوزات الحالية والمنتظرة، فيسارع إلى التأكيد «لا يوجد حجوزات، وإذا استمر تدهور الوضع الأمني وانزلقت المنطقة إلى حرب مفتوحة، فمن المؤكد أن الاقتصاد اللبناني كله وليس السياحة فقط، أمام مصير مجهول».
في هذا الجانب يوضح بيروتي أن «الدراسات الدولية تشير إلى أن أي إشغال فندقي ما دون الـ35 في المئة يشكل خسارة وعبئا على القطاع، من هنا نستخلص ما آلت إليه أحوال مؤسساتنا»، مؤكدا أنه «لو لم تكن هناك رعاية مباشرة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومن القطاع المصرفي، لكانت غالبية المؤسسات سقطت على أبواب المصارف»، مستدركا ليقول: «وذلك بات قريباً جدا».
ويبلغ إجمالي عدد الموظفين والعمّال الموسميين في القطاع حوالي 155 ألفا، وعدد الفنادق حوالي 437 فندقاً في بيروت والمناطق، وحوالي 80 مؤسسة ومجمعا سياحيا بحرياً، وحوالي 8 آلاف مطعم، و750 وكيل سياحة وسفر، و260 مكتباً لتأجير السيارات السياحية.
العرب إلى المرتبة الثالثة تظهر الإحصاءات أن عدد الوافدين في شهر تموز الماضي، بلغ 129 ألفا و922 زائرا، مقارنة مع 175 ألفا و171 زائرا في الشهر نفسه من العام 2012، أي بنسبة تراجع 17.33 في المئة، علما أنه مقارنة مع تموز 2011، بلغ عدد الزائرين 219 ألفا و653 زائرا أي بنسبة تراجع 40.85 في المئة، وفي تموز 2010، بلغ العدد 361 ألفا و934 زائرا، بنسبة تراجع بلغت 64.1 في المئة.
في تفاصيل شهر تموز 2013، يلاحظ أن الوافدين العرب يتراجعون إلى المرتبة الثالثة، ويبلغ عددهم 26 ألفا و834 زائرا من مجمل الزوار، وهم: أولا: العراقيون 10 آلاف و851 زائرا. ثانيا: الأردنيون 6 آلاف و328 زائرا. ثالثا: المصريون 3 آلاف و182 زائرا.
أما الوافدون من الدول الأوروبية فيحلّون في المرتبة الأولى، وعددهم 55 ألفا و299 زائرا، وهم أولاً: الفرنسيون 17 ألفا و925 زائرا. ثانيا: الألمان 7 آلاف و973 زائرا. ثالثا: البريطانيون 6 آلاف و113 زائرا.
أما الوافدون من قارة أميركا ففي المرتبة الثانية، وعددهم 26 ألفا و834 زائرا وهم: أولا: الولايات المتحدة 13 ألفا و435 زائرا. ثانيا: الكنديون 9 آلاف و82 زائرا. ثالثا: الفنزويليون ألف و747 زائرا.
يليهم في المرتبة الرابعة الوافدون من قارة آسيا، وعددهم 10 آلاف و662 زائرا، لا سيما منهم الإيرانيون حيث يبلغ عددهم ألفاً و227 زائرا.
Add Comment