الاثار العربية

أنقذوا كنوز الخديوى توفيق من الضياع.. الأشباح تسكُنه منذ سنوات

136

لن تتمالك أعصابك وأنت واقف على أبوابه، حتما ستشعر أنك بطلا فى إحدى روايات الرعب، وتنسى أن المكان برمته كان يوما تحفة معمارية لا نظير لها فى دول أوروبا.

إنه قصر الخديوى توفيق الواقع بالجهة الخلفية لمستشفى حلوان العام على مساحة 24 فدانا، والذى كان فى البداية سكناً للأميرة عين الحياة زوجة السلطان حسين كامل، الذى حكم مصر فى بداية القرن الماضى، نسج الناس حوله الكثير من القصص الخيالية، فالبعض يؤكد أن أشباح تسكنه منذ عشرات السنين، والبعض الأخر يشير إلى وجود ثعابين وزواحف قاتلة داخله، بينما الرواية الثالثة تشير إلى اتخاذ العشرات من البلطجية والخارجين عن القانون القصر مرتعا لأعمالهم المنافية.

بالرغم من المساحات الخضراء التى تحيط بالقصر من كافة الجهات، فإن المبنى نفسه لا يوجد به أى أثر للحياة، الأمر الذى دفع سكان المنطقة أن يطلقوا عليه القصر المهجور”، ” اليوم السابع” خاضت المغامرة داخل سراديب ذلك العالم، لتكشف اللغز الذى ظل محيرا لأهالى منطقة حلوان سنوات طويلة.

فى بداية الرحلة على بعد خطوات من محطة مترو حلوان وبجوار المستشفى العام تجد بقايا بناية أثرية حوائط مُهدمة وأسقف مردومة، تحذر كل من يحاول الاقتراب منه، وكأنها جدار عازل بين القصر والعالم الخارجى، أما المبنى فهو يرتفع بكل كنوزه فوق ربوة أرضية، أربعة تماثيل أثرية على جوانبه لم نجد منها سوى اثنين عليهما آثار دماء بأسماء أشخاص مبهمة، علاوة على أثار سرنجات وحقن ملقاة على الأرض.

القصر الذى كان تحفة معمارية عقودا طويلة يبدو محيرا إلى حد كبير، فبداخله سرداب سرى تحت الأرض يصل حتى “ركن توفيق” الذى كان يجلس فيه مع ضيوفه وبداخله خزينة كبيرة مع غرفة خاصة تحت القصر للأميرة خديجة ابنته، تم ردمها حفاظاً على البنية التحتية، و يحتوى على دور رئيسى”ودور أوسط وبدروم، إضافة إلى وجود القطع الأثرية النادرة، دفع مجهولون إلى المغامرة فى التنقيب بحثاً عن الآثار، لكنهم لم يجدوا شيئاً، فقاموا بسرقة الشبابيك الأثرية الموجودة بالقصر حسب روايات شهود عيان ولم ينته الأمر عند ذلك الحد، بل امتد ليشمل تكسير حوائط كاملة، وأسقف لسرقة الحديد والأخشاب الموجودة فيه.

ويظل السر كامنا فى حجرات القصر المظلمة والممتدة لمسافة عشر كيلومترات، وطوابقه الثلاث، وحديقته التى تحولت إلى مقلب للقمامة ومسرح لإدمان المخدرات ووكر للقتلة واللصوص.

صعدنا الطابق الأول وجدنا ما يزيد عن اثنى عشر غرفة، إلا أنها أسوأ حالا من واجهة القصر مليئة بالقمامة ومتآكلة جدرانها قد تهوى فى أى وقت من الأوقات، وفى الطابق الثانى وجدنا الحال ليس مختلفا عن باقى أنحاء القصر بل أسوء حالا، ممر طويل تترامى على يمينه ويساره القطع الآثرية التى آكل عليها الزمان وشرب، عندما تتحرك خطوة إلى الأمام ستفاجأ بكم هائل من الحشرات والقمامة بل وزجاجات الأدوية المخدرة التى تعوق حركتك.

فى مدخل القصر سمعنا صوتا ينادى من بعيد، “أنتو مين..رايحين فين” أنه عم محمد “أحد سكان الشارع المجاور للقصر”، اقترب منا وشرح لنا أسرار مخاوفه، و أن القصر كما أشيع عنه منذ سنوات بداخله أشباح وزواحف قاتلة، ويخاف سكان حلوان مجرد الاقتراب منه فالمسئولين أنفسهم لا يحاولون زيارته أو الاستفادة منه.

“عم محمد” لم يكتف بالنصيحة بل بدد مخاوفه، وقرر بعد وقت من الإقناع أن ينحى قلقه جانبا، ويصطحبنا فى جولة داخل ثنايا القصر المردوم.

يقول عم “محمد” إن معظم الشهادات جعلت “قصر توفيق” بيتا من بيوت الرعب بسبب سماع أصوات لنقل أشياء ثقيلة بين حجراته المختلفة فى منتصف الليل، والأضواء التى تضئ فى حجراته وتنطفئ فجأة أيضا، علاوة على ما تردد حول أشباح فى الظلام تختفى فجأة وأضواء ساطعة، وصخبا كل ليلة داخل القصر، ورجح أن ممارسات هؤلاء البلطجية هى التى أوحت لجيران القصر بأنه مسكون بالأشباح.

وتشابهت آراء السكان حول القصر فجاءت معظمها محملة بمزيج من الاستهجان والمخاوف، فيقول “طارق عادل” أحد سكان المنطقة: “منذ عامين سمعنا أصواتا غريبة من ناحية القصر، وشاهد أولادى حين كانوا يلعبون بالقرب من حديقته أشخاصا مجهولة يعبثون بالمدخل الأمامى للقصر، وأضاف: بعد هذه الواقعة مباشرة تقدمت وعدد من الجيران بشكوى إلى المسئولين لإنقاذ المبنى الأثرى، ولكن لا حياة لمن تنادى.
نفس الكلام أكده “عبد الله” الذى يسكن بالقرب من القصر أيضا ولكن فترة تزيد عن ثلاثين عاما، حيث أكد أن حالته لم تتغير وسيظل عقودا وراء عقود مبنى ملئ بالقصص المجهولة يهدد كل من يقترب منه، ما دام أنه يعيدا عن أعين الرقابة ولم تطله أيدى المهتمين.

وتضيف “آيات إبراهيم” إحدى الجيران “تراكمت القمامة حول أسوار القصر، وجعلت رؤية معالمه شبه مستحيلة، لأن القمامة التى لا يتم رفعها إلا على فترات طويلة، الأمر الذى حوله إلى مأوى للحشرات، يحيط به المرض من كل جهة.

ويشير مصطفى نوفل “أحد السكان بالشارع الموجود فيه القصر” كانت توجد بالمبنى الفخم مفروشات وأثاثات وتحف لكن كل هذه الأشياء اختفت للأسف والقصر من الداخل أصبح كله أثاثات و”عفش” قديم وبقايا تحف وتماثيل وبعدما كانت تحيط به الحدائق والأشجار والكراكيب، ولم تتبق من حديقته سوى ثلاث نخلات وشجرتين.

وأكد “أحمد. ع” “طبيب كيميائى بمعمل مستشفى حلوان”أن هذا القصر يوجد خلف لمعمل التحاليل كان عبارة عن مستشفى آيلة للسقوط وتحولت إلى هذا المعمل، مما يشكل قلقاً لمن يتبادلون وردياتهم ليلاً، نظرا لخلو المكان من أى جهة أمنية أو حراسة تحميهم من الظلام الدامس مع وجود البلطجة وحوادث قتل.

وأستطرد زميله “وائل.أ” أن القصر تحول لمعمل تحاليل منذ 8 سنوات، مشيراً إلى حدوث سرقة للقصر من نوافذ وسقف وخشب بالإضافة إلى وجود 4 حالات قتل تم الكشف عنها بإلقائها داخل المكان مؤخراً دون التعرف على القاتل قائلاً “لا توجد حراسة والإهمال هو سيد المكان”.

“لم نعد نسأل عن حل لمشكلة القصر المهجور ليأسنا من رد المجلس الأعلى للآثار” هكذا قال “محمد المنياوى “شاهد عيان، ويُكمل قائلا: على الرغم أنه لا يوجد أبدا ما يثبت حقيقة القصص التى تدور عن المبنى، إلا أن عدم اهتمام المسئولين باستغلاله أو مجرد استكشاف ما بداخله كان له الأثر الأكبر فى جعل الناس تتخيل الكثير من الأمور داخله.

 

الاقسام

اعلانات