الاثار العربية

دير سمعان قرية منحوتة بالصخر يسطو عليها الاستيطان

39

لم يسلم الحجر الأثري في الأراضي الفلسطينية من السطو الاستيطاني في مختلف المواقع الأثرية داخل مستوطنات الاحتلال أو بقربها، حيث ينبش المستوطنون ويسرقون الآثار في محاولة لصناعة تاريخ مزيف.
ومن بين تلك الآثار والحجارة خربة أو قرية تدعى دير سمعان غرب سلفيت شمال الضفة الغربية، المطلة على مطار اللد، التي تعرض إلى سطو مباشر على آثارها.

ويؤكد مزارعو كفر الديك ودير بلوط عملية السطو على القرية الأثرية، التي هي روعة في الجمال؛ إذ إنها منحوتة في الصخر، وكل شيء فيها تقريبًا منحوت في الصخر، من المجالس والطرق والمعاصر والكنيسة إلى الآبار.

وتعد خربة دير سمعان معلمًا من معالم الآثار الرومانية في المنطقة، وبحسب إفادة دائرة الآثار في محافظة سلفيت إن المنطقة تلك تقع على أنقاض مدينة رومانية قديمة، تدل على أن المنطقة كانت يومًا تعج بالحياة، إلا أن وقوع تلك المنطقة ضمن المناطق المصنفة (C) وفق اتفاق (أوسلو) جعل العناية بها صعبة.

مدير مكتب السياحة والآثار في محافظة سلفيت منتصر موسى أكد لـ”فلسطين” عملية السطو الاستيطاني على خربة دير سمعان، وأشار إلى أن المستوطنين يستهدفون عدة مواقع أثرية في سلفيت بفعل التوسع الاستيطاني.

وأشار موسى إلى مشاهدة المزارعين مجموعة تابعة لسلطات الاحتلال قوامها العشرات، تصحبها حافلات، تنبش قرية أثرية مهمة تاريخيًّا هي خربة دير سمعان، وهو ما تكرر ثلاث مرات خلال سنوات عدة.

وأضاف: “إن الاحتلال جلب كسارات متنقلة، وجرف تلة صغيرة مقابلة للخربة، وعمل على تكسيرها بالكسارات، وهو ما يخالف القانون الدولي، لاسيما اتفاقية (لاهاي) عام 1954م، واتفاقية (يونسكو)، وغيرهما من الاتفاقيات الخاصة بالحفاظ على الآثار التاريخية بصفتها معلمًا تاريخيًّا لا يجوز بأي حال من الأحوال تغيير مكانته”.

ويشير المزارع محمد الديك إلى أن خربة القلعة المقابلة لدير سمعان كذلك سطا المستوطنون عليها وسرقوا ما فيها، إذ شاهدهم المزارعون وهم يقومون بالتنقيب والبحث والنبش فيها.

بدوره أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح د.عبد الستار قاسم أن السطو الاستيطاني على خربة دير سمعان وغيرها من المواقع الأثرية في فلسطين المحتلة نابع من كونها تشكل جزءًا من الهوية الثقافية والحضارية الفلسطينية، وأن الاحتلال بات يعتقد أنه حسم أمره على الأرض، ويريد حسمه الآن في التاريخ، ضاربًا عرض الحائط بالمواثيق والأعراف الدولية كافة، مستغلًّا الضعف العربي الحالي، وانشغال الدول العربية بحالها، خاصة مصر وسوريا.

المتابع للتوسع الاستيطاني في محافظة سلفيت خالد معالي نوه إلى أن مستوطنة (ليشم) الجديدة باتت على بعد أمتار من خربة دير سمعان، وأن المستوطنين يسرقون الحجارة المقابلة للقرية الأثرية ويقومون بتحويلها إلى مواد لبناء المستوطنة الجديدة على حساب أراضي كفر الديك ودير بلوط غرب سلفيت.

وأضاف: “لم يكتفِ الاحتلال ومستوطنوه بقتل البشر، بل الآن يقتلون التاريخ والتراث والحضارة، ويقومون بنبش الخرب الأثرية ليسرقوها، وليدعوا لاحقًا أن هذه الآثار تعود إلى أجدادهم؛ لصناعة تاريخ مزيف على شاكلة جبل الهيكل المزعوم”.

وعن وصف الخربة يقول: “هي خربة روعة في الجمال، يوجد فيها معالم أثرية منحوتة في الصخر بشكل دقيق وجميل يشد الزائر بقوة، فالأقواس والبرك منحوتة بدقة عالية في الصخر، فضلًا عن الفسيفساء التي تغطي الأرضية بشكل متوازن ومستوٍ، دون وجود أي خطأ في عملية البناء”.

ووفق إحصائيات فلسطينية، يوجد نحو 22 ألف موقع أثري في فلسطين التاريخية عرضة للاندثار والتدمير بإعلانها مناطق عسكرية مغلقة، أو مناطق مصنفة (C) حسب اتفاق (أوسلو).

ويوثق معالي في محافظة سلفيت وجود قرابة 130 خربة أثرية قد سرق وجرف أغلبها، إذ شاهد مواطنون فلسطينيون في قرية كفر الديك بعض المستوطنين وهم يسرقون أعمدة أثرية من خربة دير سمعان، وقاموا بجرف خرب أخرى لإقامة الجدار، مثل خربة “التعمر” وخربة “أم القبا” في دير بلوط.

ويقول مزارعو كفر الديك: “إن قرية دير سمعان الأثرية وضعت سلطات الاحتلال يديها عليها عام 1973م، ومن وقتها المستوطنون ينظمون رحلات إلى القرية؛ بحجة أنها تتبع لهم تاريخيًّا، في تزوير فاضح، إذ يوجد فيها ما يشبه الكنسية”.

الاقسام

اعلانات