التراث العالمي

كلية السياحة في اللبنانية شاركت في مؤتمر هيلاند الثاني في فالنسيا

شاركت كلية السياحة وإدارة الفنادق في الجامعة اللبنانية، ممثَّلة بعميدها الدكتور فهد نصر والمهندس علي خريس في مؤتمر هيلاند الثاني الذي عقد بعنوان:
2nd Steering Committee meeting and 2nd Technical Committee meeting 9th في مدينة فالنسيا الإسبانية، بمشاركة عشر فرق باحثة، من ست دول مختلفة، هي: لبنان، وفلسطين، والأردن، وقبرص، وإسبانيا، ومالطا.

وتدير مالطا حاليا هذا المشروع، وتعمل على تنسيق الجهود الآيلة إلى تحقيق الأهداف، والتي تتلخص بوضع الخطط التي من شأنها الحفاظ على الأماكن التراثية والمناظر الطبيعية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسِّط.

وعلى مدى يومين من المحاضرات والنقاشات ومشاركة ممثلين عن الدول المشاركة، تم التطرق إلى شتى جوانب المشروع التنظيمية واللوجستية والعلمية، كما تمَّ التركيز على ضرورة تبادل الخبرات ما بين الباحثين، والعمل على الإسراع في إنجاز ما اتفق عليه لجهة جمع المعلومات وتحليلها، وتقييم الوضع السائد في البلدان المشاركة، لجهة الحفاظ على التراث الإنساني والطبيعي.

كما توقفوا عند أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة التراث والمحميَّات والمناظر الطبيعية، نظرا للتحديات الكثيرة التي تواجه المعنيين بالقطاع السياحي والبيئي، والتي تحتاج إلى اعتماد أدوات ترتكز على الإبداع والتطوير لتحقيق تلك المواجهة. ومن بين هذه التحديات، مشكلة التلوث المتزايدة، والأثر السلبي لعدد من النشاطات البشرية على الطبيعة، الأمر الذي يحتم على الجميع، من أكاديميين، وباحثين، وجمعيات أهلية، وبلديَّات، توحيد الجهود لتحقيق الاستدامة في الإنماء والسياحة.

وقد كانت مداخلة للعميد الدكتور نصر باسم الوفد اللبناني، أشار فيها الى انَّ “الخطة الرئيسية لمشروع هيلاند الأوروبي هي الحفاظ على المواقع الأثرية والمناظر الطبيعية في المنطقة المحيطة بحوض البحر الأبيض المتوسِّط. ولتحقيق هذا الهدف، كان لا بد من دراسة ميدانية علمية وافية لمجموعة مختارة من تلك المواقع في بلدان عديدة، كلبنان، وفلسطين، والأردن، وإسبانيا، ومالطا، وقبرص. ولقد دخل لبنان هذه الشراكة عبر محمية الشوف الطبيعية – المحيط الحيوي (SBR)، وكلية السياحة وإدارة الفنادق في الجامعة اللبنانية، والتي تنفذ كل الدراسات العلمية الميدانية، وتزور، لهذا الغرض، مختلف المناطق اللبنانية بغية الوقوف على مجموع الخطط المعتمدة، والآيلة إلى النهوض بالسياحة بعامة، وتطوير بعض أنواعها، كالسياحة البيئية والريفية تحديدا”.

ولفت الى ان “استثمار الطاقات البشرية، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في الحفاظ على التراث الطبيعي والتنوع الحيوي، يندرج ضمن استراتيجية عامة تلحظ مفهوم الاستمرارية والاستدامة”.

واوضح ان “الأخطار التي تتعرض لها المناظر الطبيعية (Landscapes) في لبنان متنوعة؛ تبدأ بتقلص المساحات الخضراء والغابات، ولا تنتهي بغياب قوانين صارمة تمنع المس بتراث لبنان الطبيعي الغني”، مشيرا الى ان “التلوث، على أنواعه، قد بلغ مرحلة متقدمة وبات يهدد التنوع الحيوي (Biodiversity)، مع ما يعنيه هذا الأمر من خسارة لبنان التدريجية لبيئته المتميزة التي كانت، ولا تزال، أحد المقومات السياحية الأساسية. فكم من محمية طبيعية، ومن درب جبلي، ومن منظر خلاب قد جعل من لبنان واحدة من فضلى الوجهات السياحية للعامة من الناس، ناهيك عن المتخصصين”.

وقال :”بهدف تقييم مدى استخدام التكنولوجيا في الحفاظ على المواقع الطبيعية وجمال الطبيعة ومناظرها في لبنان، قام فريق هيلاند من كلية السياحة وإدارة الفنادق (FTHM) بوضع خطة مؤلفة من زيارات ميدانة ست إلى مختلف المناطق، فكان أن شملت عشر مناطق طبيعية في لبنان. وكان الهدف دراسة كل موقع طبيعي وتقييم كل المعايير السياحية. ولهذه الغاية، فقد نظِّمت الخارطة الذهنية من قبل الفريق (أي فريق هيلاند)، ووضعت مجموعة كاملة من المؤشِّرات. ومن أجل جمع المعلومات (DATA)، قام فريق هيلاند بمجموعة لقاءات مع المستثمرين القييمين على إدارة كلِّ موقع، حيث تمَّت مناقشة المشاكل المتعلِّقة باستخدام التكنولوجيا الحديثة، والطرائق المتطورة في الحفاظ على تلك المواقع الطبيعية. هذا، وقد وثِّقت المعلومات وتمَّ تحليلها ودراستها لكي تتم الاستفادة منها لاحقا. إنَّ مقاربة التحليل لمختلف الزيارات الميدانية قد شكلت دفعا لتطوير الخطة المستدامة المتعلقة بمشروع هيلاند.

وقد شملت الزيارات المناطق الاتية: محمية أرز الشوف البيئية وغابة الصنوبر في بكاسين – قضاء جزين، بلدتي “شاتين” و”تنورين” في قضاء البترون، بلدة بشري ووادي قاديشا، بلدة كفرذبيان وآثار فقرا والجسر الحجري لفقرا وعيون السيمان، مستنقع عميق في البقاع الغربي، منطقة بسكنتا والجوار”.

وبعد معاينة دقيقة على الأرض لتلك المواقع، والوقوف على شؤونها وشجونها، خلص فريق هيلاند إلى ما يلي: “إن في طليعة أهداف مشروع هيلاند، تقديم دراسة واقعية مقارنة تشخيصية للتراث الحضاري والمناظر الطبيعية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسِّط، بهدف حمايتها، وذلك ضمن خطة عامة يراد لها أن تحقِّق مفهوم السياحة المستدامة. وعليه، فإن أي دراسة مقارنة تحتاج إلى كم هائل من المعلومات المستقاة من مصادرها مباشرة، لا من المراجع، على كثرتها وأنواعها وأهميتها؛ لذا، دأب فريق هيلاند، كلية السياحة وإدارة الفنادق في الجامعة اللبنانية، على القيام بزيارات حقلية إلى مناطق لبنانية شتى، حيث اجتمعت عناصر عدة، من شأنها، أن تصنع منظرا طبيعيا، وتراثا ثقافيا وإنسانيا متميزا. وإذا كانت المقومات الطبيعية، من غابات، وأنهار، وجبال، ووديان، وتقاليد حضارية، من آثار، وأبنية تراثية، ومعالم بيئية، وغيرها، تشكل مزيجا يضع لبنان في مقدمة الدول، على المستوى السياحي الجاذب، فإن غياب القوانين التي تحمي هذه المقوِّمات من شأنه أن يهدِّد بقاءها وصمودها في وجه الزمن، كما يمكنه أن يؤدي إلى اندثارها، وخرابها”.

اضاف :”بهدف تحليل الوضع القائم، عمد فريق هيلاند إلى اقتراح مجموعة من المؤشرات (Indicators) تتمحور حول استعمال التكنولوجيا الحديثة في مقاربة الحفاظ على الأماكن السياحية والترويج لها. ولقد لاحظ فريق هيلاند نقصا حادا في الاستراتيجيات المقدمة لتطوير الصناعة السياحية في لبنان. هذا، وسيعمل الفريق على الحد، ومنع تخريب المناظر الطبيعية والثقافية، في حوض البحر الأبيض المتوسط عموما، وفي لبنان على وجه التحديد. ومن المعروف أن تقدما هائلا قد أحرز خلال العقود الثلاثة السالفة في مجال الحفاظ على المعالم الطبيعية؛ إلا أن هذه التقنيات لا تستعمل على نطاق واسع، لذا كان لا بد من القيام بعمل ميداني توثيقي لجمع المعلومات بشأن الكثير من المناطق، المحمية منها، وغير المحمية، ومقارنتها بنموذج معيَّن يراعي أفضل المعايير، ويعتمد أجود التقنيات. هذه الدراسة ستشكِّل القاعدة التي سترتكز عليها مجمل التوصيات ضمن خطة متكاملة تهدف إلى صون كل المعالم السياحية، والاستفادة منها بالمقابل للنهوض بالقطاع السياحي وفق ما صار يعرف الآن ب”السياحة المستدامة”.

وقد تضمَّن اليوم الثاني من مؤتمر هيلاند زيارة ميدانية لموقعين تراثيين، هما: موقع (Xivert Castle) وموقع (The watchtower “Torre del Rey” in Oropesa del Mar)، واللذين يقعان في منطقة (Province of Castell?n). وقد تولَّى القيِّمون على هذين الموقعين شرح ما أنجز على صعيد الترميم، وعرضوا لأهمية الخطة التي يعمل عليها، والتي تهدف إلى تطوير السياحة البيئية في المنطقة. وكان جليا للجميع عدم توفر أي معلومات مفيدة باللغة الإنكليزية، أو بأي لغة أخرى عدا الإسبانية. كما كان عدد من الملاحظات بشأن الخطط المتبعة، والأدوات المعتمدة من قبل الفريق الإسباني، لجهة التوثيق، والعمل على وضع عدد من المؤشرات وتحليلها بهدف تقديم صورة واضحة عن مقومات هذين الموقعين السياحيين.

وبانتهاء أعمال المؤتمر، تم التوافق على ضرورة تكثيف الجهود، والتسريع في تتميم الخطوات التي ستدفع بالمشروع الحيوي الذي يعمل عليه نحو الإنجاز الكامل والسليم. كما وأعلنت قبرص المضيف للمؤتمر الثالث لمشروع هيلاند، على أن يتم تحديد الموعد وتفاصيل المؤتمر لاحقا.

admin

الرؤية: توفير محتوى عربي مميز
الرسالة: ايصال المعلومة بشكل شيق ومفيد

Add Comment

انقر هنا لإضافة تعليق

الاقسام

اعلانات